منذ اتفاق القاهرة عام 1969، شكل وجود السلاح الفلسطيني في المخيمات اللبنانية مصدر قلق أمني كبير بالنسبة للدولة اللبنانية، حيث تسببت هذه الظاهرة في تقويض السيادة اللبنانية وتحولت إلى عامل رئيسي في تفجير الحرب الأهلية. بعد اتفاق الطائف 1989، تم نزع سلاح الميليشيات اللبنانية باستثناء حزب الله، في حين بقي السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، حيث كان يُستخدم في صراعات داخلية وفى الحسابات الإقليمية، مما يعزز الشعور بالتهديد على الاستقرار اللبناني.
على الرغم من محاولات الدولة اللبنانية منذ التسعينات لتقليص انتشار السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، إلا أن هذه الجهود لم تكتمل، ولا تزال قضية السلاح الفلسطيني تمثل تحديًا مستمرًا للسلطة اللبنانية. ففي عام 2006، جرى الاتفاق على ضرورة نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، إلا أن هذا القرار لم يُنفذ حتى اليوم.
في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تزايد الضغوط الأمنية والسياسية، تم التركيز على ضرورة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني. في إطار هذا السياق، برزت دعوات لوضع حد للسلاح الفلسطيني داخل المخيمات، لا سيما في ضوء التهديدات الإسرائيلية المستمرة. ورغم أن الفصائل الفلسطينية في المخيمات تتفاوت في قوتها، إلا أن جماعات مثل حماس والجهاد الإسلامي باتت تلعب دورًا بارزًا في بعض المخيمات، مما يزيد من تعقيد الوضع.
منذ عام 2022، بدأت الدولة اللبنانية بالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية لوضع خطة لضبط السلاح داخل المخيمات، تتضمن تفكيك السلاح الثقيل وضبط الأمن بالتنسيق مع السلطات الفلسطينية. رغم تعقيد هذه المسألة، يُنظر إلى تنفيذ هذه الاستراتيجية كخطوة مهمة نحو استعادة سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.
المسألة ليست فقط قضية أمنية، بل تتداخل مع القضايا السياسية والحقوقية للاجئين الفلسطينيين. إذ تحرص الدولة اللبنانية على تجنب التوطين، وفي الوقت نفسه، تسعى إلى تحسين ظروف اللاجئين، بما يعكس الحاجة إلى حل شامل يأخذ في اعتباره جميع الأطراف.
أمام هذه التحديات، يبقى تحقيق الاستقرار في لبنان مرتبطًا بإيجاد حل للسلاح الفلسطيني داخل المخيمات، ويبدو أن التقدم في هذا الملف يعتمد على التوافق بين لبنان والفلسطينيين، في إطار من التنسيق مع الدول العربية والمجتمع الدولي.