بعد أن غامر حزب الله بإعلانه خوض حرب المساندة لغزة، ليعود ويتوسّل توقيع اتفاق وقف إطلاق نار، بعد الهزائم التي مُني بها نتيجة التفوق العسكري الإسرائيلي. وها هو لبنان مجددًا يدخل دوامة تسليم السلاح وتطبيق القرار 1701.
“قمة الغباء” ما تروّجه أبواق الممانعة اليوم أمام الرأي العام عبر المحطات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، من مواقف داعمة للسلاح وخطابات جوفاء تُغذي عقول بيئتهم التي أُغرقت في الفقر عمدًا، لتبقى رهينة قبضتهم عند كل استحقاق.
منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، دخل لبنان في دوامة صراع داخلي تحت عنوان “تسليم سلاح حزب الله”، وهو صراع قائم بين الدولة اللبنانية، ممثلة برئاستها وحكومتها، وبين ميليشيا الحزب. فالدولة تسعى اليوم لاستعادة حقها المُصادر في احتكار السلاح وقرار السلم والحرب، بينما يصر الحزب على التمسك بسلاحه متحديًا الدولة ومؤسساتها كافة.
وبعد الإفلاس السياسي والفكري لما تبقى من قيادات الحزب، وسقوط مصطلح “المقاومة” في جميع أبعاده، باتت حججهم أمام الرأي العام لا تتعدى منطق الأطفال: “على إسرائيل أن تطبق القرار 1701 أولًا، ثم يطبّقه لبنان”، في محاولة بائسة لتبرير استمرارهم في حمل السلاح.
لكن الواقع أن ما يُطرح يصب فقط في مصلحة إسرائيل، التي أثبتت خلال حربها الأخيرة مع الحزب تفوقها العسكري والتكنولوجي، وهو ما أقرّ به حسن نصرالله شخصيًا. وينص اتفاق وقف إطلاق النار على التزام الطرفين، لبنان وإسرائيل، بتطبيق القرار 1701، والذي يعني نزع سلاح حزب الله ووقف إسرائيل لانتهاك السيادة اللبنانية.
إلا أن نتائج الحرب الأخيرة أثبتت، للبنان عمومًا ولحزب الله خصوصًا، أن لا مفر من تسليم السلاح، فهو لم يردع إسرائيل، ولم يحمِ الجنوب، ولا حتى قيادات الحزب أنفسهم.
الحقيقة، رغم مرارتها، أن لبنان اليوم هو الحلقة الأضعف في ظل موازين القوى الحالية، والفضل في ذلك يعود إلى حزب الله. لذا، فإن على الحزب أن يكون المبادر بتسليم سلاحه، والانخراط في مشروع الدولة لتطبيق القرار 1701 والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. فإسرائيل تملك القدرة على تحقيق ما تريده بالقوة من الاتفاق، وتعنت حزب الله لن يؤدي إلا إلى خدمة مصالحها، عبر استباحة الجنوب وفرض شروطها على لبنان.