تعتبر المخيمات الفلسطينية في لبنان موضوعًا حساسًا، حيث تتداخل فيها القضايا الأمنية والسياسية والاجتماعية. في الآونة الأخيرة، تحولت الأنظار نحو الجهود المشتركة بين الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية التي تهدف إلى تطبيق القرار الدولي 1701، خاصة فيما يتعلق بنزع السلاح من المخيمات.
تسعى الدولة اللبنانية إلى بسط سلطتها على أراضيها، وكان ملف السلاح في المخيمات الفلسطينية أحد أبرز أولوياتها بالإضافة الى سلاح حزب الله. وبالنظر إلى الأوضاع الراهنة، تظهر التحركات الأمنية الأخيرة في شمال لبنان، وبالأخص في مخيم البداوي، كخطوة هامة نحو تحقيق هذا الهدف. فعملية سحب السلاح من الفصائل الفلسطينية قد بدأت تدريجيًا بالتنسيق بين الجيش اللبناني والسلطة الفلسطينية، وتهدف إلى منع أي تهديدات أمنية قد تنشأ داخل هذه المخيمات.
في هذا السياق، يشير مراقبون إلى أن هذه الخطوات تأتي بعد سلسلة من اللقاءات السياسية بين المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين. أبرز هذه اللقاءات كان بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس اللبناني جوزاف عون في القمة العربية الطارئة في السعودية، حيث أبدى عباس دعمًا كاملًا لخطة الحكومة اللبنانية، مؤكدًا على استعداد السلطة الفلسطينية لتسليم السلاح غير الخاضع لسيطرة “فتح” إلى الجيش اللبناني.
كما أن الجهود الفلسطينية لتنسيق عمليات نزع السلاح تزايدت بشكل ملحوظ، مع زيارة رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني، ماجد فرح، إلى لبنان الشهر الماضي، والذي أجرى لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم الرئيس عون. الزيارة كانت جزءًا من مساعي التنسيق المشترك لإحكام السيطرة على المخيمات، خصوصًا مخيم البداوي.
الجيش اللبناني بدوره، اتخذ خطوات عملية لإنجاح هذا التنسيق الأمني، حيث فرض طوقًا أمنيًا حول مخيم البداوي وأغلق مداخله الفرعية. هذا التحرك يهدف إلى فرض الرقابة المشددة على المخيم وتمهيد الطريق لإتمام عملية سحب السلاح في المرحلة القادمة.
هذه الخطوات تعكس نية جادة من قبل الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية لفرض الأمن والتهدئة داخل المخيمات، وتعد خطوة مهمة نحو تعزيز السيادة اللبنانية. كما تُظهر أن التنسيق بين الأطراف المعنية قد أخذ طابعًا أكثر تنظيمًا، وهو ما سيسهم في تحسين الوضع الأمني وتعزيز الاستقرار في لبنان بشكل عام.