شنت إسرائيل أمس غارة على مستودع أسلحة لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. هذه المرة لم تنتظر تل أبيب ذريعة مثل إطلاق الصواريخ أو تنفيذ عمليات أمنية تجاه أراضيها، بل بادرت بنفسها لضرب البنية العسكرية للحزب مجددًا في بيروت.

الرسالة أبعد من مجرد استهداف موضعي. إسرائيل وضعت لبنان الرسمي أمام خيار واضح: إما التحرك السريع لجمع سلاح حزب الله، أو مواجهة ضربات عسكرية متكررة تقضي على ترسانة الحزب تدريجيًا. فبينما التزمت الدولة اللبنانية بترتيبات ما بعد الحرب جنوب الليطاني، لا تزال المناطق الأخرى بمنأى عن أي ضبط حقيقي، وسط حوار داخلي يبدو أنه يراوح مكانه.

ما فعلته إسرائيل أمس هو إعلان نهاية مرحلة الانتظار. لم يعد الحديث عن حوارات ومهل زمنية مقبولا. تل أبيب، المدعومة من واشنطن، اختارت الانتقال إلى التنفيذ المباشر، معتبرة أن تسليم السلاح لم يعد خيارًا تفاوضيًا بل ضرورة تفرضها موازين القوى.

في مواجهة هذا التصعيد، يقف رئيس الجمهورية أمام معادلة شديدة الدقة: هل ينجح في انتزاع التزامات واضحة من حزب الله بشأن السلاح قبل أن تتدحرج الأوضاع إلى مواجهة أوسع؟ أم أن الغارة الأخيرة ستقوّي موقف الحزب، وتجعله أكثر تشددًا وتمسكًا بترسانته، تحت شعار التصدي للعدوان الإسرائيلي؟

الواضح أن مشهد الضاحية الجنوبية أمس بعث برسالة قاسية: السلاح الذي لطالما قُدم كعامل قوة وحماية، لم يعد ضمانة لا للأرض ولا للشعب. وإذا لم يتم تدارك الوضع سريعًا، فإن لبنان كله قد يتحول إلى ساحة مكشوفة أمام رياح المواجهة المقبلة.