في مشهد سياسي غير مألوف، جمع منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي في الرياض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، معلنًا بداية مرحلة سياسية جديدة تتجاوز قوالب الخطاب التقليدي، وتفتح الباب أمام إعادة تعريف موقع سوريا في النظام الإقليمي والدولي.

اللقاء، الذي تم على هامش المنتدى التي تستضيفه المملكة، لم يكن مجرد محطة رمزية ضمن جولة ترامب الخليجية، بل حمل في مضمونه رسائل متعددة المستويات: رفع العقوبات الأميركية عن دمشق، دعوة صريحة للانضمام إلى اتفاقات أبراهام، واستعداد أميركي لاستكشاف مسارات تعاون أمني واقتصادي مع سوريا، بعد سنوات من العزلة.

ترامب، الذي استجاب لطلب مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان برفع العقوبات، أعلن بوضوح أن “الوقت قد حان لتألق سوريا”، واضعًا بذلك سقفًا سياسيًا عاليًا لأي تسوية مستقبلية. أما الرئيس السوري الانتقالي، فأعاد التأكيد على مصالح بلاده المشتركة مع واشنطن، من مكافحة الإرهاب إلى تفكيك الترسانة الكيميائية، مرورًا بدعوة الشركات الأميركية إلى الاستثمار في قطاعي النفط والغاز.

ما بين السطور، بدا واضحًا أن الانسحاب التدريجي للقوات الإيرانية من سوريا شكّل عاملاً حاسمًا في إعادة تشكيل البيئة السياسية، وفتح الباب أمام شراكات كانت حتى الأمس القريب من المحرّمات. إذ تشير أوساط دبلوماسية إلى أن الرياض تسعى، بالتنسيق مع واشنطن، إلى تهيئة بيئة إقليمية أكثر تماسكًا في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصًا مع تصاعد مخاوف عودة تنظيم داعش في مناطق الصراع.

الرسالة التي حملها هذا اللقاء لا تقف عند حدود سوريا، بل تطال النظام الإقليمي بأسره: من الانفتاح على دمشق بشروط جديدة، إلى تقليص الهوامش الإيرانية، فتهيئة الأرضية لتحالفات شرق أوسطية تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية بالأمنية.

لكن، ورغم أجواء الانفتاح، يبقى المستقبل السوري مرهونًا بقدرة النظام الانتقالي على بلورة رؤية داخلية مستقرة، والانتقال من موقع المتلقّي إلى موقع الشريك الفعلي في رسم المرحلة القادمة.