مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في بيروت، تتجه الأنظار إلى أبرز لائحتين تتنافسان على نيل ثقة الناخب البيروتي: “بيروت بتجمعنا” و“ائتلاف بيروت مدينتي”.
تقدّم لائحة “بيروت بتجمعنا” نفسها على أنها تجمع أحزابًا وتيارات لا تتفق في السياسة، إنما اجتمعت تحت شعار حماية المناصفة والقدرة على تنفيذ مشاريع إنمائية مشتركة بغطاء سياسي كامل.
لكن في العمق، تثير هذه التوليفة الفريدة تساؤلات جدية حول مدى واقعية الطرح.
فالادعاء بأن هذه اللائحة قادرة على “حماية المناصفة” يبدو مبالغًا فيه، إذ إن المناصفة لا تحميها اللوائح، بل الناخب البيروتي وحده، عبر الامتناع عن التشطيب والتمسك بخيارات متكاملة.
أما القول بأن أطراف اللائحة “متفقة على الإنماء ومختلفة في السياسة”، فهو يقود إلى سؤال جوهري: هل يمكن فصل الإنماء عن السياسة؟ وإن فُصلت، هل هناك ضمان ألا تنفجر التناقضات المعروفة بين مكوناتها داخل المجلس البلدي لاحقًا، ما يؤدي إلى تعطيل المشاريع أو تضييع الفرص على العاصمة؟
في المقابل، تبرز لائحة “ائتلاف بيروت مدينتي” كتحالف متجانس يضم بعض القوى والشخصيات التغييرية، منها حزب الكتلة الوطنية، النواب ابراهيم منيمنة وبولا يعقوبيان وملحم خلف وسينتيا زرازير، ومجموعات مدنية تحمل خطابًا سياديًا ومدنيًا موحدًا. تجمع هذه اللائحة 13 مرأة و11 رجل، من الأعمار الشبابية والمتوسطة، يعكسون تعددية بيروت الثقافية والجندرية والطائفية.
ورغم اقصاء غير المبرر لبعض الحلفاء الطبيعيين مثل النائب وضاح صادق أو حزب الكتائب اللبنانية، ما أضعف فرص الفوز لصالح اللائحة، إلا أن تناغم مكوناتها يعطيها فرصة حقيقية لإحداث خرق فعلي في المجلس البلدي.
السيناريو الأكثر تعقيداً في بيروت اليوم قد يكون الاختراق المتبادل بين اللوائح، ما قد يؤدي إلى مجلس بلدي منقسم على نفسه، يشبه في تركيبته مجلس بلدية طرابلس الحالي. هذا النوع من التوازن السلبي قد يتحول إلى عائقٍ إنمائي خطير، حيث تغيب القرارات وتتجمد المشاريع بسبب غياب الانسجام.
في ظل هذا المشهد المعقد، يبقى الناخب البيروتي صاحب الكلمة الفصل، سواء عبر تصويت واعٍ يراعي التوازن والمبادئ، أو من خلال الابتعاد عن خيارات شعبوية تعيد إنتاج الأزمات بدل أن تفتح أبواب الحلول.