في خطوة تعكس ارتباكًا متزايدًا، عاد حزب الله إلى ممارسة أسلوبه القديم في عرقلة مهمات قوات اليونيفل العاملة في جنوب لبنان، وذلك عبر افتعال تحركات مدنية تهدف إلى منع الدوريات الأممية من الوصول إلى مناطق يُعتقد أنها تحتوي على مخازن أسلحة أو مواقع عسكرية تابعة له. هذا النمط من العرقلة، الذي اتّبعه الحزب بشكل منهجي بعد حرب تموز 2006، يبدو اليوم أشبه بمحاولة يائسة لإخفاء ما تبقّى من بنية عسكرية مهددة بالتفكيك.

الجديد في المشهد أن السياق تغيّر. فالحزب، الذي كان في السابق يتكئ على غطاء سياسي داخلي وصمت دولي نسبي، يواجه الآن وقائع مختلفة: تغير في ميزان القوى الإقليمي بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية التي طالت كوادره وبنيته العسكرية، وضغوط داخلية متصاعدة نحو تنفيذ القرار الدولي 1701 بكامل بنوده، لا سيما فيما يخص نزع سلاحه من جنوب لبنان.

وجاء بيان اليونيفل الأخير، الذي كشف عن مصادرة 225 موقعًا ومستودعًا مرتبطًا بالحزب، ليشكّل تطورًا نوعيًا في المواجهة غير المعلنة بين الطرفين. البيان أشار بوضوح إلى استخدام أدوات حادة وعصيّ في مواجهة الجنود الأمميين، وسط محاولات لاتهامهم بتجاوز صلاحياتهم، وهي اتهامات نفتها القوة الدولية جملة وتفصيلًا.

يبدو أن الحزب يحاول كسب الوقت، وربما خلق أمر واقع ميداني يقيه فقدان السيطرة على ما تبقى من مواقع في الجنوب، عبر ترهيب اليونيفل، ودفعها إما لتقليص نطاق تحركها أو التفكير جديًا في الانسحاب. لكن هذه المحاولة تصطدم بعقبات جوهرية، أبرزها التزام الدولة اللبنانية ـ في الشكل على الأقل ـ بتنفيذ القرار 1701، وتكليف الجيش اللبناني بفرض الأمن في المناطق الجنوبية، إضافة إلى متغيرات إقليمية جعلت من بقاء سلاح الحزب، سواء كان ظاهرًا أو مخفيًا، مسألة أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

في المحصلة، لا يبدو أن تكرار الأساليب القديمة سينجح في فرض واقع جديد. فالمعادلات التي ساعدت الحزب على التمدد بعد 2006، لم تعد قائمة. وما يحاول الحفاظ عليه اليوم، قد يتحول غدًا إلى عبء إضافي يُسرّع انكشافه وانكفاءه.