مرّ “عيد المقاومة والتحرير” ليس ككلّ عام، الأمور اختلفت، فلا مقاومة، ولا تحرير.

المقاومة التي رُفعت في وجه الاحتلال، سقطت يوم قررت أن تدخل عالم السياسة دون أن تتخلّى عن سلاحها. ومنذ ذلك الحين، لم تعد مقاومة، بل قوّة موازية للجيش، توازيه في القرار تنافسه في العدة معلنةً التبعيّة الخارجية. وهكذا، حين تستمر المقاومة خارج الدولة وبديلاً عنها، تصبح هي وجهًا آخر للاحتلال.

الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، الذي خلق هذه الذكرى، كان مناسبة مفصلية. لكنه لم يُستثمر لبناء دولة ذات سيادة، بل تحوّل إلى منصة لتكريس سلاح خارج الشرعية، وسردية انتصار دائم، وإن لم يبقَ من التحرير إلا اسمه.

الجنوب اليوم، وبشهادة الواقع اليومي، لم يتحرر. الاحتلال لم ينتهِ، بل تبدّلت أشكاله: مواقع عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، طيران مسيّر لا يفارق الأجواء، قصف متواصل، ودخول وخروج لقوات إسرائيليّة كما تشاء. وأمام هذا المشهد، تصبح سردية “الانتصار” وهمًا يُسوَّق ليبرّر استمرار التسلّط، لا السيادة.

من هنا، وبكل واقعية ومسؤولية وطنية، لم يعد مجديًا الاحتفال بعيد “المقاومة والتحرير” فيما المقاومة فقدت معناها، والتحرير لم يكتمل.
ولذلك، فالأجدى اليوم تجميد الاحتفال بهذه المناسبة مؤقتًا، ريثما يستعيد لبنان قراره وسيادته على كل أراضيه. وعندما ينسحب الاحتلال فعليًا – بعدما جاء به اليوم من حرّرنا منه سابقاً- وتُبسط سلطة الدولة وحدها، ونخلّد الذكرى حينها تحت اسم “عيد السيادة والتحرير” يوم يعود الوطن للوطن.