بعد أكثر من عقد على الحرب السورية، وبعد أن دفع لبنان الثمن الأكبر من النزوح، سياسيًا، اقتصاديًا، وديموغرافيًا، يقف البلد اليوم على مفترق جديد من تاريخه: النظام السوري سقط، والعقوبات رُفعت، ولم يبقَ من الحجج شيء.

اليوم، ومع تغيّر المعادلات الإقليمية والدولية، سقطت كل الذرائع التي كانت تُبرّر بقاء أكثر من مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية. سقط النظام الذي فرّوا منه، وانتهت الحرب التي هربوا منها، وها هو المجتمع الدولي يعيد رسم خريطته في سوريا، متخليًا تدريجيًا عن خطاب “العودة غير الآمنة”.

اللبنانيون الذين عاشوا عقدًا من الانهيار، لا يمكنهم الاستمرار في تحمّل أعباء أزمة ليست من صناعتهم. لا اقتصاد قادر، ولا بنية تحتية تحتمل، ولا توازن ديموغرافي يصمد. لبنان ليس وطنًا بديلًا، ولا مخيمًا مفتوحًا.

المعادلة واضحة اليوم: لا شرعية لبقاء نازح دون سبب، ولا مبرر لتجاهل حق العودة. رفع العقوبات عن سوريا، وسقوط النظام، يجب أن يكونا شرارة العودة لا استمرار اللجوء.

المرحلة المقبلة تتطلب من الدولة اللبنانية موقفًا سياديًا حازمًا: فتح قنوات التنسيق للعودة، ضغط دبلوماسي مكثف، وتوحيد الخطاب الداخلي. أما المجتمع الدولي، فعليه أن يترجم “دعمه للبنان” بخطوات فعلية تضمن عودة كريمة وآمنة للنازحين، لا فقط تمويل إقامتهم.

آن الأوان لنطوي هذه الصفحة. لا كراهية، ولا انتقام ولا عنصرية. فقط عدالة لشعبين: شعب يريد العودة إلى أرضه، وشعب يريد أن يستعيد بلده.