ها هو حزب الله ينكفئ. العجز المالي ينهش جسده، والضاحية الجنوبية تختصر مشهده: مبانٍ مدمرة، وعود كاذبة، ومساعدات توقّفت كما توقفت كل أكاذيب “المقاومة”.
الحزب الذي كان يفاخر بقدرته على إعادة الإعمار خلال ساعات، بات عاجزًا حتى عن دفع بدل إيجار لمواطن شُرّد من منزله. أين المليارات الإيرانية؟ أين شبكة الخدمات الاجتماعية التي بناها؟ سقط القناع.
الضائقة المالية ليست عرضًا طارئًا، بل نتيجة طبيعية لحزب استنزف الجنوبيين خدمةً للمعارك الخارجية، وأنفق ثرواتهم على حرب لا تعني لبنان، بل تنفّذ أجندة طهران. واليوم، بعد أن تخلّت عنه إيران تدريجيًا، يقف الحزب أمام مأزق وجودي: إمّا أن يتراجع، أو ينفجر من الداخل.
والأخطر من العجز المالي هو العجز السياسي. لأول مرة، يفتح حزب الله “جزئيًا” باب النقاش حول السلاح. هذا ما لم يكن يومًا مطروحًا. ما كان يُعد “محرمًا”، أصبح اليوم مطروحًا على الطاولة والخطوط الحمراء تلاشت.
من يناقش اليوم ملف السلاح، هم بقايا حزب منهك يفاوض تحت الضغط، يساوم على سلاحه لكسب مخرج يحفظ له ماء الوجه بعد أن فقد كل أوراق القوة. فإنه زمن الانهيار.
البيئة التي كان يضحك عليها بشعارات “التحرير” ترى اليوم بعيونها منازلها المهدّمة، و”مقاومتها” تتوسّل حلولًا دبلوماسية بعدما جرّت لبنان إلى الخراب.
لذلك لا بد اليوم ان تعي بيئة الحزب، أن من ادعى القتال لأجل كرامتهم، لا يهملهم في وقت الشدة، ومن رفع شعار الدفاع عن الأرض، لا يفاوض على السلاح من موقع ضعف.
آن الأوان لتسمّوا الأمور بأسمائها: الحزب سقط. والمشروع انتهى. والسلاح بات عبئًا، لا شرفًا.