في مشهد بات مألوفًا في جمهورية الإفلات من العقاب، هرب وزير الصناعة السابق جورج بوشيكيان من لبنان إلى كندا قبل ساعات فقط من اتخاذ قرار برفع الحصانة عنه، تمهيدًا لملاحقته قضائيًا في ملف ابتزاز صناعيين بمبالغ مالية ضخمة.

المفارقة الصادمة أن بوشيكيان غادر بلا أي عوائق، من دون أن يصدر بحقه منع سفر، رغم أن الأجهزة القضائية كانت على علم بموعد الجلسة النيابية المرتقبة، والتي كانت ستمنح الضوء الأخضر لمحاكمته.

وبرّر بوشيكيان هروبه بحجة “زيارة والدته المريضة في كندا”، في وقت كانت كل المعطيات تؤكد أن القرار السياسي قد حُسم لرفع الحصانة عنه. لكن القضاء، كعادته، تلكأ في اتخاذ الحدّ الأدنى من التدابير الاحترازية، ما سمح للمتهم بالفرار بغطاء رسميّ ضمنيّ.

هروب بوشيكيان ليس استثناءً، بل حلقة جديدة في مسلسل التواطؤ بين السلطة والفساد، حيث تتحوّل الدولة إلى شاهد زور، وتُفرّغ العدالة من معناها، وتُترك الملفات الحساسة من دون حسيب أو رقيب.

فهل نشهد تحرّكًا جديًا لملاحقة الفارين؟ أم أن لبنان مستمر في تقديم دروس يومية في كيفية حماية الفاسدين وتهريبهم تحت جنح “القانون”؟