أمس مرّت ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميّل. الرئيس الذي لم يُعطَ فرصة ليحكم، لأنه أفزع أعداءه قبل أن يصل إلى القصر. قتلوه لأنه آمن بلبنان… وهم آمنوا بغير لبنان.

هو آمن بلبنان كحالة فريدة، دولة واحدة قوية مستقلّة.

وهم آمنوا بلبنان تابع، ضعيف، ملحق بمشاريع الغير.

هو آمن بقدرة الجيش اللبناني

وهم آمنوا بقدرة الجيوش العربية والغريبة.

هو آمن بلبنان الـ 10,452 كلم²

وهم اعتبروا أن عكار وطرابلس والشمال تابع لسوريا، وأن ما تبقى لا يعدو كونه “متصرفية”.

قتلوه لأن فكرته بالسيادة والاستقلال كانت أثقل عليهم من شخصه. حاولوا أن يقتلوا “لبنان بشير” لبنان الذي لا يُقسَّم ولا يُباع ولا يُلحق.

والمفارقة أن ما جرى منذ أشهر، حين رُوّج لخبر ضم شمال لبنان إلى سوريا، أعاد إلينا شبح تلك الجريمة. الذين اخترعوا وروّجوا لهذا الطرح، هم أنفسهم الذين قتلوا بشير في الأمس وحاولوا قتله في الحاضر: قتلوا الفكرة نفسها، فكرة لبنان الواحد الحر المستقل.

إن من قتل بشير بالسلاح، هو نفسه الذي يحاول اليوم قتله بالفتنة، بتقسيم اللبنانيين طائفيًا ومذهبيًا، وبإضعاف الجيش، وبزعزعة ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها.

هو نفسه الذي يصنع من الطغاة أصنامًا، ومن الميليشيات دولًا بديلة.

من قتل بشير في 1982، حاول أن يقتله مرة أخرى في 2025. اغتيال الجسد حصل مرّة واحدة، أما محاولة اغتيال الفكرة فمستمرة… لكنها محكومة بالفشل، لأن لبنان الـ 10,452 كلم² سيبقى أكبر من كل محاولات الاغتيال.