هؤلاء الذين يتقاتلون على الشاشات خلقوا دويلات داخل الدولة. الدويلة الظاهرة هي دويلة السلاح (حزب الله) إلى جانب ذلك، صُممت دويلات اقتصادية موازية تخدم مصالح السلطة: دويلة المولدات الخاصة التي استفادت من انهيار قطاع الكهرباء الرسمي بعد إنفاق عشرات المليارات بلا إصلاح حقيقي.
خلقت السلطة أيضاً دويلة مياه موازية واقتصاداً موازياً للمياه والخدمات، واستغلت القطاع الصحي فأضعفته وسمحت بتقوية دويلة المستشفيات الخاصة التي كثيراً ما تركت الناس تموت أمام أبوابها خلال الأزمات.
حاولت هذه السلطة أيضاً إضعاف الجامعة اللبنانية والقطاع العام التعليمي لتقوية دويلة الجامعات والمدارس الخاصة، ما يكرّس التفاوت ويحوّل التعليم إلى سلعة بدلاً من كونه حقاً عاماً.
صنعت السلطة دويلة مالية عبر شركات تحويل الأموال، اقتصاد الكاش، وممارسات سمحت بتقوية قنوات مالية موازية بدلاً من نظام مصرفي شفاف. النتائج: اقتصاد مفكّك، مؤسسات عامة أضعف، ودويلات تخدم مصالح النخبة.
ما نراه ليس فقط فشلاً إدارياً، بل بناء منظومة دويلات متداخلة (سلاح، طاقة، ماء، صحة، تعليم، مال) تضمن بقاء السلطة ومكاسبها مهما كلف ذلك الناس. لبنان لم يعد دولة واحدة متسقة، بل كومة من الدويلات التي صنعتها السلطة لنفسها.