تشهد القضية الفلسطينية تطورًا مفصليًا مع تسارع الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، حيث انضمت دول أوروبية وغربية بارزة كفرنسا وكندا وأستراليا والبرتغال إلى قائمة طويلة تضم أكثر من 150 دولة تعترف رسميًا بحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة. هذه الخطوة تُعتبر بمثابة إعادة إحياء لمسار حل الدولتين، وبارقة أمل وسط مشهد إقليمي مأزوم بالحروب والانقسامات.
لكن في لبنان، لهذه الاعترافات وقع مختلف. فمنذ نكبة عام 1948، يعيش مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، محرومين من حقوق أساسية، ومثقلين بأعباء اجتماعية واقتصادية، فيما بقيت قضيتهم ورقة مفتوحة على كل الاحتمالات. ومع كل تحرك دولي يعزز مسار الدولة الفلسطينية، يُطرح السؤال الجوهري: هل يعني ذلك اقتراب عودة اللاجئين إلى أرضهم؟
الواقع يشير إلى أن الطريق ليس معبّدًا بالكامل. فإسرائيل لا تزال ترفض مبدأ “حق العودة”، والاقتراحات الدولية غالبًا ما تتحدث عن صيغ مرنة تشمل عودة تدريجية إلى الدولة الفلسطينية الوليدة، مع تعويضات مالية وتوطين محدود في أماكن أخرى. لكن في المقابل، يرفض لبنان أي شكل من أشكال التوطين الدائم، وهو ما يجعله أكثر الأطراف تمسكًا بضرورة أن تكون الدولة الفلسطينية القادمة قادرة على استيعاب اللاجئين وفتح باب العودة أمامهم.
من هنا، يمكن القول إن توسّع الاعترافات بدولة فلسطين يشكّل حجر الأساس لمرحلة جديدة قد تعيد رسم خريطة المنطقة. وبالنسبة للبنان، لا يقتصر الأمر على دعم حق الفلسطينيين بدولتهم، بل يرتبط أيضًا بأمل داخلي عميق بإنهاء ملف اللجوء الذي طال أمده، وتحرير المخيمات من واقع الحرمان، وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين لبنان والدولة الفلسطينية المستقبلية.
ورغم كل العقبات السياسية والعسكرية، فإن الاعترافات المتلاحقة تمنح اللبنانيين والفلسطينيين على السواء فرصة لتخيل مستقبل مختلف: دولة فلسطين قائمة بذاتها، وصراع يقترب من نهايته، ولاجئون يجدون طريق العودة إلى وطنهم بدلًا من البقاء أسرى مخيمات لا تشبه حياتهم ولا تطلعاتهم.