كشف المبعوث الأميركي توم باراك، من خلال تصريحاته الأخيرة، عن ملامح سياسة جديدة تتّبعها واشنطن في مقاربتها للأزمات اللبنانية والإقليمية. هذه السياسة، التي اتّضحت من خلال وصفه للمشهد السياسي في لبنان ودول الجوار، تقوم على التخويف والضغط كأداة رئيسية، بدل الحوار أو السعي لإقناع الأطراف وإيجاد حلول متوازنة.

في حديثه الإعلامي الأخير، لم يقدّم باراك أي ضمانات تتعلق بوقف الحرب المستمرة، ولم يتعهّد بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية، كما لم يطرح رؤية تضمن استقرار الحياة السياسية والاقتصادية للبنانيين.

هذا الطرح يرسم ملامح السياسة الأميركية تمرّ بمرحلة من التخبّط وضعف الخيارات، حيث تحوّلت من محاولات الإقناع وبناء التفاهمات إلى اعتماد أسلوب الترهيب والتهديد في التعاطي مع الملفات المعقدة.

استمرار هذه السياسة لن يؤدي إلا إلى زيادة حدّة التوتر وتعقيد الأوضاع أكثر، خصوصاً في بلد مثل لبنان يواجه تحديات وجودية وأزمات متراكمة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.

ويبقى السؤال الأساسي: هل يمثّل خطاب باراك المرتجل توجهاً شخصياً لا يعكس الاستراتيجية الرسمية لواشنطن؟ أم أن الإدارة الأميركية بالفعل قرّرت اعتماد هذا النهج القائم على التخويف كسياسة ثابتة في المنطقة؟

في كل الأحوال، يرى كثيرون أن هذه المقاربة، إذا ما استمرّت، ستضع السياسة الأميركية في أسوأ صورة منذ سنوات، لأنها تتجاهل المطالب الحقيقية للشعوب وتغفل عن الضمانات الأساسية لتحقيق الاستقرار.