يواجه مجلس الإنماء والإعمار ورئيسه السابق دعاوى قضائية تتعلّق بهدر ما يقارب مليار دولار صُرفت على مشاريع الصرف الصحي خلال 24 عاماً، من دون أن تتحقق الأهداف المرجوّة. عشرات محطات التكرير تحوّلت إلى كتل إسمنتية معطّلة، فيما استمرّت مياه الصرف بالتدفّق نحو الأنهار والبحر.

تقرير ديوان المحاسبة أشار إلى أنّ المجلس أنفق وحده أكثر من 800 مليون دولار على محطات وشبكات، لكن غالبيتها إمّا متوقفة عن العمل أو تعمل بطرق بدائية. كما أنفق لبنان نحو 9 ملايين دولار على صيانة منشآت لم توضع يومًا في الخدمة. وفي البقاع وحده، بقيت محطتان خارج الخدمة وست أخرى تعمل دون المستوى المطلوب.

الأضرار البيئية والصحية بدت واضحة: نحو 50 ألف شخص في حوض الليطاني يشربون مياهًا ملوثة ويستخدمونها للري، ما يعرّض 8,396 هكتارًا من الأراضي الزراعية للتلوث. حجم الصرف الصحي غير المعالج الذي يُرمى في الحوض الأعلى قُدّر بحوالي 46 مليون متر مكعب سنوياً، أي ما يعادل كارثة متجددة كل عام.

آليات الفساد لم تتوقف عند سوء الإدارة، بل شملت تلاعبًا بالأسعار وتعديلات متكررة في المواصفات. فالمتعهدون كانوا يقدّمون عروضًا منخفضة في بند معيّن، ثم يطالبون لاحقًا بفروقات مالية بحجة تعديل الكلفة. والنتيجة: مشاريع مبتورة، محطات بلا شبكات، وشبكات بلا محطات، في مشهد يعكس تواطؤًا ثلاثيًا بين المتعهّدين والاستشاريين وإدارة المجلس.