نشهد اليوم وقبيل الانتخابات النيابيّة بأشهرٍ قليلة نقاشاً حاداً حول حق المغتربين في التصويت الكامل. النّقاش تحوّل إلى جدلٍ عقيم، في وقت يتواصل فيه تعطيل هذا الحق من قبل البعض، وعلى رأسهم ثنائي حزب الله وحركة أمل، فيما رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج هذا البند على جدول الأعمال لعدة جلسات متتالية لأنه أدرك أنّ مجرد إدراجه يعني تمرير البند بسلاسة، مستغلّاً صلاحيته كرئيس للمجلس. هذه المماطلة أدت إلى تعطيل النصاب في الجلسات السّابقة، ما أظهر بوضوح أهميّة البند بالنسبة لمعظم النوّاب الذين يعتبرونه أولويّة.

في هذا السياق، يظهر الدور الحاسم لرئيس الحكومة نواف سلام، الذي يملك القدرة على تقديم مشروع قانون معجل مكرر لإلغاء الستة مقاعد وتكريس الـ128. مثل هذا الإجراء يشكل أداة ضغط فعّالة لإجبار نبيه برّي على إدراج البند على جدول الأعمال، حتى في حال أثار ذلك خلافاً سياسيّاً معه. هذه الخطوة تعتبر السبيل الوحيد لحفظ حق المغتربين وضمان مشاركتهم الكاملة في الحياة السياسية، وهو حق دستوري لا يمكن التهاون فيه، وهو الأداة الوحيدة لكبح برّي عن نفوذه وغطرسته، وإجباره على إدراج البند على جدول الأعمال تمهيداً للتصويت عليه.

الواقع السياسي يشير إلى أن أي تأجيل إضافي سيعني استمرار الالتفاف على الدستور وتقويض العدالة التمثيلية. مشروع القانون المعجل المكرر سيكون اختباراً حقيقياً لجرأة الحكومة وقدرتها على فرض القرارات السيادية في مواجهة الكتل التي تحاول الالتفاف على الحقوق الدستورية. وفي حال تقدّم نواب سلام بهذا المشروع، سيصبح من الصعب على أي نائب أو كتلة تأجيل البت في حق المغتربين دون مواجهة مباشرة مع القانون والدستور، ما يعيد النقاش إلى مستوى أكثر شفافية ووضوحاً ويضع لبنان على مسار احترام الحقوق السياسية لجميع المواطنين، داخل البلاد وخارجها.