في مشهد سياسي جديد يعكس تناقضاً صارخاً في خطاب حزب الله وسلوكه، أثار البيان الصادر عن الحزب الذي هنّأ فيه حركة حماس على قبولها خطة السلام الجديدة والمعروفة إعلامياً بخطة ترامب والتي تتضمّن بنداً أساسياً يقضي بنزع سلاح الحركة تمهيداً لإعادة إعمار غزة وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية موجة من التساؤلات والاستغراب في الأوساط اللبنانية والعربية على حدّ سواء.

فبينما يرى الحزب في قبول حماس بهذه الخطة خطوة إيجابية نحو تثبيت الهدوء في غزة وبداية مرحلة سياسية جديدة، يرفض في الوقت نفسه، وبإصرار قاطع، أي نقاش داخلي لبناني حول سلاحه، معتبراً أنّ حصرية السلاح بيد الدولة ليست موضوعاً مطروحاً للنقاش. هذا التناقض الواضح بين الموقفين يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة مشروعة:

هل سلاح حزب الله معني أكثر من سلاح حماس بتحرير القدس؟

أم أن الغزّاويين يستحقّون الأمن والكرامة أكثر من أبناء الجنوب اللبناني الذين يدفعون منذ عقود ثمن معادلة السلاح خارج الدولة؟

المفارقة أكبر من أن تُخفى أو تُبرَّر. فالحزب الذي لطالما رفع شعار “المقاومة” كذريعة لاحتكار السلاح، يصف اليوم خطوة حماس بنزع سلاحها بأنها “شجاعة” ومقدمة لبناء دولة قوية تحمي شعبها. لكن كيف يمكن لمن يصف نزع السلاح في غزة بأنه مدخل للدولة أن يرفض المنطق نفسه في لبنان؟ أليست الدولة في لبنان أولى بالاستقرار، وهي التي تحملت تبعات حروبٍ لم تقرّرها؟