في جلسةٍ وُصفت بالمفصلية، وضع قائد الجيش العماد رودولف هيكل مجلس الوزراء أمام حصيلة شهرٍ حافل من العمل الميداني، ضمن الخطة الوطنية لحصر السلاح. التقرير الذي عُرض أمام الوزراء أظهر بوضوح حجم الجهد الذي تبذله المؤسسة العسكرية لترجمة القرار الحكومي إلى أفعال ملموسة على الأرض.

وفق المعطيات، نفّذت الوحدات العسكرية خلال الشهر الماضي أكثر من أربعة آلاف مهمة، توزعت بين عمليات مراقبة وانتشار وملاحقة، إضافة إلى عشرات المهمات المشتركة في إطار الآلية التنسيقية بين الأجهزة. كما أُقفلت مجموعة من المعابر والأنفاق التي كانت تُستخدم بطرق غير شرعية، في خطوة تعكس تشديد القبضة الأمنية على النقاط الحساسة.

هذه الأرقام لا تُقرأ بمعزل عن سياقها السياسي والأمني. فالجيش، الذي وجد نفسه في قلب معركة استعادة هيبة الدولة، يقدّم من خلال هذا التقرير دليلاً عملياً على جدّيته في تنفيذ الخطة. وبقدر ما تحمل الأرقام طابعاً تقنياً، فإنها توصل رسالة سياسية واضحة: المؤسسة العسكرية تتحرك بقرار، وليس بردّة فعل.

ولعلّ ما يميّز هذا التقرير أنّه أول وثيقة رسمية تُظهر انتقال ملف السلاح من خانة الوعود إلى خانة التنفيذ. فالدولة، للمرة الأولى منذ سنوات، تمتلك مساراً واضحاً ومتابعة ميدانية منظمة، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من تثبيت السلطة الشرعية على كامل التراب اللبناني.

بذلك، يكون التقرير قد وضع أمام الحكومة خريطة طريق عملية تُقاس بالأفعال لا بالبيانات، في انتظار أن تتكرّس هذه الوتيرة شهراً بعد آخر حتى يتحقق الهدف النهائي: سلاح واحد تحت إمرة الدولة اللبنانية.