انتهت الحرب في غزة.
بعد عامين من الدم والرماد، من الركام والدموع، من الحصار والمجازر، أُسدل الستار على واحدة من أكثر الحروب قسوة في تاريخ القطاع.
وافقت حركة حماس رسميًا على خطة ترامب لوقف الحرب، وأبلغت السلطات الأميركية موافقتها الكاملة على بنود الاتفاق:
تبادل الأسرى، تسليم السلاح، إنشاء إدارة مركزية للقطاع، ووقف شامل لإطلاق النار…
الدهشة لم تأتِ من تفاصيل الاتفاق، بل من القرار ذاته.
فحماس، التي كانت تُلقّب بـ”صاحبة الأرض والميدان”، اختارت أن تضع سلاحها جانبًا. لم تعد ترى في البندقية خلاصًا، بل عبئًا يمنع شعبها من التنفّس.
اختارت أن تكتب فصلًا جديدًا، فيه شيء من البراغماتية، وكثير من الوجع.
غزة التي كانت تُقصف كل صباح، تستعد الآن لبناء مدارس بدل الأنفاق، ومستشفيات بدل الملاجئ.
غزة التي أُطفئت فيها الأنوار مرارًا، تشعل اليوم أول شعلة أمل منذ سنوات.
وهنا، في لبنان، ترتفع الأسئلة أكثر من الأصوات:
إذا كانت حماس، بعد كل ما واجهته، قد قررت أن تُسلم سلاحها وتبدأ مرحلة جديدة، فما الذي يمنع حزب الله من أن يفعل الشيء نفسه؟
القطار انطلق من غزة…
قطار وقف الحروب، ونزع السلاح، والعودة إلى الدولة.
فهل يمرّ هذا القطار عبر لبنان؟
هل يقف في الجنوب، حيث البنادق القديمة تنتظر قرارًا لا يأتي؟
أم يبقى لبنان أسير وهمٍ قديم، يصرّ فيه حزب الله على أنه آخر “حارس للمقاومة” في زمنٍ انتهت فيه الحراسة؟
المنطقة تتغيّر.
العواصم تعقد الصفقات، والخرائط تُرسم من جديد، والولاءات تُعاد صياغتها بلغة الاقتصاد لا السلاح.
وحده حزب الله يبدو كمن يقف على رصيف التاريخ، يراقب القطارات وهي تمرّ، ولا يملك شجاعة الصعود إلى أيٍّ منها.