يبدو حزب الله اليوم كالرجل المتقاعد الذي يرفض مغادرة ساحة المعركة. أنهكته السنين، وتبدّدت قوته، لكنه ما زال يرفض الاعتراف بأن الزمن تغيّر وأن موقعه على الطاولة الإقليمية لم يعد كما كان.
رجلٌ أفنى عمره في الصراعات، في فتح الجبهات وإغلاق أفق النهوض، في فرض الحكومات وإسقاطها، في رسم سياسات الانهيار وخرق السيادة. عاش على فكرة الحروب، حتى صار الصراع نمط حياته الوحيدة.
لكن الحقيقة القاسية التي يحاول الحزب الهروب منها، هي أن اللعبة تغيّرت. الكبار من حوله خسروا الكراسي، والخرائط الجديدة تُرسم من دون اسمه. لبنان الذي خنقه بسلاحه وقراراته يلفظه اليوم بصمتٍ موجع.
مشكلته ليست في السلاح ولا في السياسة، بل في عجزه عن إدراك حجمه الحقيقي بعد كل ما حدث. لم يفهم بعد أنه خسر الحرب بصمته، وأن قوته القديمة لم تعد تخيف أحدًا. لم يستوعب بعد أن الدمار الذي أصابه لم يكن فقط في العتاد، بل في صورته، في جمهوره، في الإيمان الذي كان يلتف حوله.
اليوم، يقف حزب الله أمام مرآة الزمن… فيراها مكسورة. يرى فيها ماضيه فقط، ولا يريد أن يصدق أن الحاضر لم يعد له.