حين فتح حزب الله جبهة الجنوب دعمًا لحركة حماس، بدا كمن يغامر بمصيره من أجل قضية يظنّها قضيته.
رفع شعار “الإسناد”، وأطلق الصواريخ، وقدّم حياة شبابه، ودفّع لبنان ثمنًا باهظًا على الحدود.
كان المشهد آنذاك بطولياً بالنسبة له، لكنه اليوم يبدو أكثر التباسًا من أيّ وقتٍ مضى.
ففي المفاوضات الأخيرة، لم تأتِ حماس على ذكر أسرى حزب الله.
طالبت بأسماء مقاتليها وأسرى فصائلها، لكنها تجاهلت أولئك الذين فتحوا جبهةً كاملة لأجلها.
لم تُشر إليهم لا في بياناتها، ولا في خطابها.
كأنّ الحزب لم يكن على جبهات القتال لإسنادها في مغامراتها العبثية.
هنا يتبدّى المشهد:
حزب الله قاتل لأجل حماس، وحماس مرّت من فوق تضحياته بصمتٍ بارد.
التحالف الذي رُفع يومًا على راية “وحدة الساحات”، انكسر عند أول اختبار حقيقي للمصالح.
لبنان دمّر، الجنوب استنزف، والحزب وجد نفسه وحيدًا في معركةٍ لم تُكتب باسمه، ولا تُذكر بطولاته حتى في سطورها الجانبية.
لم يربح شيئًا: لا اعترافًا من حليفته، ولا مكسبًا من خصومه.
كل ما بقي هو دمارٌ في البلد، وصدمة في المعنى.
وفي لحظة صدقٍ نادرة، قد يسأل بعض من في صفوف الحزب أنفسهم:
هل كانت حماس تستحق كل هذا؟
هل يستحق من نسيك أن تفتح جبهة لأجله؟
أسئلة لا تُقال علنًا، لكنها بدأت تُسمع همسًا في الجنوب، هناك، حيث احترق البلد باسم “الإسناد لغزة”.