يوم أمس، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 15 غارة على جنوب لبنان، استهدفت مواقع ومنشآت تابعة لحزب الله.

الخبر لم يعد صادماً، ولا حتى غير متوقّع، فقد اعتاد اللبنانيون سماع دويّ الغارات كما يعتادون وعود “الانتصار القادم”.

لكن ما بات فعلاً مثيراً للدهشة، هو إصرار حزب الله على خطاب القوة والصمود، رغم أن الواقع الميداني والإنساني يحكي عكس ذلك تماماً.

فبعدما ضمنت إسرائيل أمنها جنوباً في غزة، تتجه اليوم لحماية شمالها عبر ضربات في الجنوب اللبناني، بينما يواصل حزب الله التمسك بموقفه وكأن شيئاً لم يتغير.

هو لا يقاتل اليوم ليُسقط معادلة عسكرية، بل ليحافظ على صورة “المقاوم الصامد” أمام جمهوره سبعة أشهر أخرى؛ حتى يحين موعد الانتخابات النيابية.

سبعة أشهر يريد الحزب أن يبقى خلالها “منتصرًا” في الخطاب، ولو مهزومًا في الواقع؛ أن يظل واقفًا أمام جمهوره، ولو على أنقاض قرى الجنوب، حتى يضمن أن صوت الصمود سيتحوّل لاحقاً إلى صوتٍ انتخابي.

فبالنسبة إليه، الهدوء الآن يعني خسارة في الصندوق لاحقًا، والاعتراف بالهزيمة قبل الانتخابات يعني سقوطًا سياسيًا قبل أن يُفتح باب الاقتراع.

وهكذا، يختار حزب الله أن يلعب على الوقت، لا على الميدان، وأن يمدّ نار المواجهة إلى أن تنضج أصوات صناديق الاقتراع، ولو احترق الجنوب اللبناني في الطريق.