في الدورة الانتخابية المقبلة، يخوض المرشح الشيعي المستقلّ حربين لا حربًا واحدة.
حربًا ضد سلطةٍ سياسيةٍ مدنيةٍ فاسدة، وأخرى ضد سلطةٍ دينيةٍ متطرّفة.
المرشح الشيعي المستقلّ لا ينافس فقط خصومًا انتخابيين، بل يواجه نظامًا كاملًا بوجهَيه:
وجهٌ مدنيّ يلبس البدلة، ووجهٌ دينيّ يضع العمامة والخواتم.
الوجه المدني له اسمٌ واضح: نبيه برّي، زعيمٌ جعل من رئاسة المجلس النيابي عرشًا لا يُمسّ، وحوّل العمل السياسي إلى شبكة مصالح وولاءات وتوابعه من “المدنيين” الذين ينهبون الناس بلا عباءةٍ ولا فتوى.
أما الوجه الديني، فيتجلّى في نعيم قاسم، رجل الدين الذي صار رجل سياسةٍ أول، يملك منابر لا تُناقش، وقرارات لا تُراجَع، ومعه محمد رعد، صاحب الخواتم الثقيلة التي تحمل في بريقها ثقل سلاحٍ يعلو على الدولة.
المرشح الشيعي المستقل اليوم يقف بين سلطتين لا ترحمان:
سلطةٍ مدنيةٍ كاذبةٍ سرقت الدولة باسم المؤسسات، وسلطةٍ دينيةٍ متطرفةٍ صادرَت الإيمان باسم المقاومة.
هو يقاتل في ميدانٍ مزدوج:
ميدانٍ يُحارَب فيه بالكلمة والمال والإعلام، وميدانٍ آخر يُحارَب فيه بالتخوين والتكفير والتهديد.
هؤلاء المرشحون ليسوا “معارضةً انتخابية” كما تحاول السلطة تصويرهم، بل صرخة شيعية حرّة تبحث عن لبنان مختلف، عن طائفةٍ تعود إلى عمقها الوطني لا إلى جدران الحزب والمذهب.
إنّهم يقاتلون كي يقولوا إنّ الشيعة ليسوا كتلةً واحدة تابعة، بل طائفةٌ حية، فيها تنوّع، فيها رأي، فيها عقل، فيها وطن.
وفيما يعيش لبنان صراعًا بين من يريد دولةً ومن يريد دويلة، يبقى صوت هؤلاء المستقلين وعدًا حقيقيًا بأنّ المعركة المقبلة ليست على مقعدٍ نيابي، بل على تحرير الطائفة الشيعية من احتلال السياسة باسم الدين والسياسة باسم الفساد.