في مشهدٍ يختصر حال الازدواجية التي يعيشها حزب الله، وقف نعيم قاسم ليلقي كلمة عن “الوطنية” خلال حفل إطلاق كتاب إيراني الطابع بالكامل، يتناول فكر وأبحاث الإمام الخامنئي.
المفارقة أن المناسبة لم تكن لبنانية في أي تفصيل منها، ومع ذلك أراد الأمين العام لحزب الله أن يحدّث اللبنانيين عن الولاء والانتماء، بينما رمزية الحدث بحد ذاتها كانت إعلاناً صريحاً بالانتماء لغير هذا الوطن.
يتحدّث قاسم عن السيادة، في الوقت الذي تُنتهك فيه كل معانيها حين تتحوّل المنابر اللبنانية إلى ساحات للترويج لأجندات خارجية.
يهاجم الحكّام والمسؤولين ويتّهم الحكومة بالانصياع للخارج، فيما المنبر الذي يقف عليه يكشف أكثر من أي خطابٍ آخر من المنصاع فعلاً.
إن التناقض بين الخطاب والممارسة صار فاضحاً.
فمن يتكلّم باسم الوطن عليه أولاً أن يتحرّر من وصايات الخارج، وأن يتحدّث بلسان لبنان لا بلسان غيره، لأن الوطنية لا تُقاس بالشعارات ولا بالاتهامات، بل بالموقف الفعلي حين يُطلب من المرء أن يختار بين مصلحة بلده ومصلحة غيره، والأفضل أن يحاضر بالوطنيّة بعدما ينزل عن المنبر الإيراني.
لبنان الجديد الذي يولد اليوم لم يعد يقبل الازدواجية ولا الولاءات العابرة للحدود.
في هذا الوطن، لا امتياز فوق الانتماء، ولا رتبة أعلى من صفة المواطن، ولا يمكن لأيّ كان أن يكون لبنانيّاً برتبة شرف.