في المشهد اللبناني اليوم، يبدو واضحاً أنّ الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، هما المستفيدان الأكبر من عزل الطائفة الشيعية عن محيطها الوطني. هذا العزل ليس وليد الصدفة، بل هو نهج مقصود يعمل عليه الثنائي بخطابٍ موجَّه بدقة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات النيابية.
يُراد للشيعة أن يظهروا كـ”فئة مستهدفة”، كأنّهم محاصرون سياسياً ومهدّدون في وجودهم، فيتحوّل الخوف إلى أداة تعبئة، ويصبح الاستنفار العاطفي بديلاً عن الوعي السياسي. وحين يشعر الفرد بأنّه مهدَّد، يُدفع تلقائياً لانتخاب من يعده بالحماية، حتى لو كانت هذه الحماية كاذبة ومضلِّلة.
في واقع الأمر، الشيعة اليوم هم رهائن سردية الثنائي: سردية المقاومة حيناً، وسردية المؤامرة حيناً آخر. بينما الحقيقة أن الثنائي لا يريد للبنان أن ينهض، لأن نهوض الدولة يعني نهاية الدويلة، ولأن قيام مؤسسات قوية سيجرّدهم من سلطتهم التي تُبنى على الضعف العام والفوضى.
والمفارقة أنّ حتى حلفاء الأمس باتوا يرفعون الصوت. جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، لم يتردّد في القول بضرورة تسليم السلاح إلى الدولة، وهو موقف يعكس تململاً داخل البيئة السياسية الأقرب إلى حزب الله.
