شاء القدر، وبشكل يكاد يبدو سخريةً من الواقع، أن يتطابق رقمان في لبنان دون أن يتطابقا في المعنى أو في الأولويات. ففي الجنوب، وبحسب الإحصاءات المعلنة، هناك 100 ألف مواطن جنوبي ما زالوا حتى اللحظة مشرّدين خارج بيوتهم:
منهم من يخشى العودة بسبب التوترات الأمنية، ومنهم من مُنِع من دخول منطقته، ومنهم من لم يجد بيتًا يعود إليه بعد أن سوّي منزله بالأرض.
100 ألف رقم سمعناه سابقاً عندما أراد حزب الله إظهار قوته العسكرية.
المفارقة أنّ 100 ألف مقاتل وُضعوا في مواجهة رقمٍ آخر: 100 ألف جنوبي نازح لم يجد الحزب لهم مكانًا في خطاباته ولا في أولوياته.
هنا تبرز الأسئلة بصوت أعلى من أي وقت مضى:
إذا كان لدى الحزب القدرة على تشغيل 100 ألف مقاتل، فلماذا لا يملك القدرة نفسها على إعادة 100 ألف مواطن إلى منازلهم؟
كيف تُبنى الجبهات فيما القرى مهدّمة؟
إن تطابق الرقمين ليس مجرد مصادفة، بل مرآة تكشف جوهر المشكلة:
أين تكمن أولوية حزب الله؟ في تضخيم أعداد المقاتلين أم في إعادة أبناء الجنوب إلى أرضهم؟
الرقم واحد… لكن الوجهان متناقضان:
وجهٌ يفاخر بالسلاح، ووجهٌ يختنق بالنزوح.
