أصبح ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا اليوم من أهم الملفات الاستراتيجية، خصوصًا في ظل السنوات الطويلة من الجدل والتمدد السياسي. ما يميز المرحلة الحالية هو الدور الفرنسي، الذي يملك أرشيفًا تاريخيًا من الحقبة الانتدابية، ما يتيح للبنان التوصل إلى نتيجة دقيقة وواضحة بعد عقود من التأجيل والمماطلة.
خلال زيارتها الأخيرة، تطرّقت مستشارة الرئيس الفرنسي آن كلير لوجاندر، إلى ملف الترسيم البري بين لبنان وسوريا، مؤكدة استعداد باريس لدعم لبنان في هذا الملف الحسّاس. هذا الترسيم ليس مجرد رسم خطوط على الخريطة، بل ضربة مباشرة للحجة المركزية لحزب الله التي استغلها طوال سنين لتبرير تمسكه بالسلاح. الحزب اعتاد أن يقول إن هناك أراضٍ لبنانية محتلة من قبل إسرائيل، وبالتالي فإن سلاحه ضروري لـ”تحريرها”. اليوم، وبفضل الترسيم الفرنسي المدعوم بالأدلة التاريخية، يُثبت رسميًا أمام المجتمع الدولي أن هذه الأراضي هي سورية كما هو معترف به لدى الأمم المتحدة، وأن الاحتلال الإسرائيلي للجولان لم يغيّر هذا الواقع القانوني.
بكلمات أخرى، هذا الترسيم يلغي الذريعة الأساسية لحزب الله ويضع لبنان على مسار السيادة الحقيقية. مبادرة الجانب الفرنسي، من خلال زيارات مثل زيارة لوجاندر، تأتي هنا كمحرك دولي لإغلاق كل الملفات التي يستخدمها الحزب لتبرير سلاحه. المجتمع الدولي، عبر هذه الخطوات، يعمل على إزالة كل الذرائع وتعزيز سلطة الدولة اللبنانية، بعيدًا عن أي توظيف سياسي للسلاح غير الشرعي.
الفرصة أمام لبنان اليوم تاريخية. الدولة أمام اختبار كبير: تحويل الترسيم إلى أداة سيادية حقيقية تثبت أن القانون الدولي والأرشيف التاريخي والدعم الفرنسي يمكن أن يكونوا سلاحًا أقوى من أي سلاح ميداني. وإذا نجح هذا المسار، فإن لبنان سيخطو خطوة فارقة نحو إنهاء كل الذرائع التي تعزز تمسك حزب الله بسلاحه، وتثبيت سيادة الدولة على كل شبر من أراضيها وشؤونها.
