في لحظة سياسية دقيقة، وعلى وقع سبع غارات إسرائيلية استهدفت الجنوب والبقاع ليل أمس، كان حزب الله يمضي قدمًا في تنسيق لوائحه الانتخابية استعدادًا للاستحقاق البلدي، وكأن الصواريخ لا تعنيه، وكأن الجنوب ليس على شفير اشتعال جديد.

المفارقة صارخة:
صواريخ تنهمر من السماء، والميدان مشتعل، بينما حزب الله يدير معركته السياسية كأن لا حرب فوق الرؤوس. ينسّق الأسماء، يقيس الأحجام، ويعقد التحالفات، متجاهلًا أن الجنوب الذي يحاول حسمه انتخابيًا، هو ذاته الجنوب الذي يتلقى الضربات عسكريًا.

هل هي مصادفة أن تقصف إسرائيل مواقع في الجنوب قبل يومين من انتخابات يرجَّح أن تنتهي بإعادة تثبيت هيمنة “الثنائي الشيعي”؟
أم هي رسالة إسرائيلية واضحة: إذا كانت صناديق الاقتراع ستكرّس مجددًا وجود حزب الله السياسي والشعبي، فإن الرد جاهز، والسماء ليست صامتة؟

الغارات، بهذا المعنى، يمكن قراءتها كتذكير قاسٍ من إسرائيل للجنوبيين:
“لا تنسوا أن حزب الله، مهما لبس عباءة الشرعية البلدية، يبقى في نظرنا هدفًا، وأنتم في مرماه.”

فحزب الله الذي يظهر بوجه “الإنماء” و”البلدية” اليوم، هو ذاته الذي يجرّ الجنوب إلى مواجهات لا تنتهي، ويصادر القرار المحلّي باسم السلاح والمقاومة، ثم يطالب الناس بتجديد تفويضه في صناديق الاقتراع.

هذه الغارات ليست مجرد تصعيد أمني، بل إنذار سياسي:
الجنوب ليس محصنًا، والنتائج قد تكون محسومة، لكن الثمن قد يكون باهظًا.
والمواطنون أمام خيار صعب:
هل يمنحون شرعية جديدة لحزبٍ يتلقّى الرسائل بالصواريخ، ثم يتصرّف كأن شيئًا لم يكن؟
أم أن الوقت قد حان لفصل الخدمات عن السلاح، والبلديات عن البندقية؟

في كل الحالات، ما دامت إسرائيل ترى في حزب الله تهديدًا، فإن الجنوب سيبقى على جدول أهدافها، وسواء خرج حزب الله من الصناديق منتصرًا أو لا، فإن الحرب ستبقى تلاحقه… وتلاحق من يصوّت له.