في مشهد لا يخلو من الوقاحة السياسية والاستخفاف بذاكرة اللبنانيين، وقف نواب التيار الوطني الحر خلال جلسة مناقشة الحكومة ليوزعوا النصائح، ويسألوا أين الإصلاح؟ وأين الخطط؟ وماذا أنجزتم؟، كأنهم لم يحكموا يومًا أو نزلوا الآن من جبل لا يعلم ما جرى في البلد منذ سنوات!

هؤلاء النواب، ووراءهم رئيس حزبهم جبران باسيل، يتناسون عمدًا أن التيار الوطني الحر أمسك بالسلطة منذ عام 2016، حين فرض رئيس الجمهورية من صفوفه، وتربّع على أكبر كتلة نيابية، وشارك بأوسع تمثيل وزاري في الحكومات المتعاقبة، بل كان شريكًا في القرار الأمني والمالي والإداري حتى النخاع.

منذ 2016 حتى 2022، كان التيار شريكًا في كل شيء: في الموازنات التي فجّرت العجز، في التعيينات التي كرّست الزبائنية، وفي تعطيل مشاريع الإصلاح بحجة استعادة الحقوق. فماذا أنجز؟ لا خطة كهرباء، لا خطة نقل، لا قضاء مستقل، لا مكافحة فساد، لا لامركزية، لا إدارة حديثة، لا شفافية… فقط تحالفات انتهازية، وأجندات شخصية، وخطابات شعبوية، أوصلت لبنان إلى جهنم التي بشّرونا بها.

اليوم، وبعد أن انهارت الليرة، وانهارت الدولة، وتحوّل اللبناني إلى لاجئ في وطنه، يعود هذا التيار ليعطينا دروسًا في الحوكمة، ويسأل أين الخطة؟ أين كانت خطتكم أنتم؟ أين الكهرباء يا جبران؟ أين الإصلاحات التي وعد بها ميشال عون في خطاب القسم؟ أين صندوق النقد؟ أين خطة التعافي؟ أين المساءلة؟

كفى نفاقًا. كفى تعاميًا عن دوركم في الانهيار. كفى تمثيلًا على الناس كأنكم مغتربون عن هذا الخراب.

التيار الوطني الحر لم يكن شاهد زور على الانهيار، بل كان أحد مهندسيه. ومن يزرع في السياسة فسادًا، لا يحق له أن يحصد شعارات إصلاح.