الانسحاب الجزئي للجيش الإسرائيلي من معظم القرى الحدودية في جنوب لبنان أثار تساؤلات حول طبيعته، خاصة مع بقاء خمس نقاط استراتيجية تحت السيطرة الإسرائيلية. هذا الانسحاب يأتي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه يثير جدلاً حول السيادة اللبنانية، اذ ان الرئيس جوزاف عون يرفض أي تسوية على السيادة، معتبرًا بقاء الاحتلال في هذه النقاط الخمس خرقًا للاتفاق.
إسرائيل تصر على الاحتفاظ بهذه النقاط، ما يُعتبر رسالة متعددة الأبعاد: تطمئن مستوطنيها في الشمال، وتحذر “حزب الله” من أن الانسحاب الجزئي هو خطوة استراتيجية، لا ضعفًا. كما تشير إلى احتمال التنسيق الأمني غير المباشر مع الجيش اللبناني عبر قنوات دولية، مع تأكيدها على أن أمن مواطنيها خط أحمر. الرسالة الأهم هي أن هذه النقاط هي جزء من استراتيجية أمنية طويلة المدى.
ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، أشار إلى أن إسرائيل تتطلع لاستعادة سكان الشمال الإسرائيلي إلى مناطقهم. كما يبرر تأخير الانسحاب الكامل بعدم نشر الجيش اللبناني العدد المتفق عليه من الجنود في الجنوب، بسبب مشاكل داخلية بالإضافة الى نقص في التجنيد.
ويشير شينكر إلى أنه يجب على لبنان أن يُحيّد نفسه عن الصراع مع إسرائيل من خلال إضعاف “حزب الله” وتحديد سياسته الخارجية بشكل مستقل. ويؤكد على ضرورة أن لا تكون سياسة لبنان مُقررة من قبل إيران بعد الآن، مشددًا على أهمية أن يكون للبنان الفرصة في المستقبل لإقامة علاقة طبيعية مع إسرائيل.
حول المساعدات الأميركية للبنان، أكد شينكر أن هناك دعمًا كبيرًا من واشنطن للبنان، ولكن هذا مرتبط بإصلاحات داخليّة وتنفيذ القرارات. وأضاف أن تجميد المساعدات الأميركية غير مرجح، وأن دعم الجيش اللبناني من حيث المعدات سيستمر لأن استقرار لبنان وأمن المنطقة من أولويات الولايات المتحدة.
في الختام، أشار شينكر إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في “حزب الله” والفساد في لبنان، معتبرًا أن سيطرته على السياسة الشيعية تؤثر سلبًا على الطائفة الشيعية التي تفتقر إلى الخيارات السياسية المتنوعة.