منذ سنوات طويلة، اعتاد حزب الله أن يرفع شعارات “تحرير القدس”، و”تدمير إسرائيل”، و”قصف تل أبيب”. كانت هذه العناوين الضخمة وسيلة لتعبئة جمهوره ولإظهار نفسه كقوة لا تُقهر في وجه العدو. لكن مع مرور الزمن، ومع مرور عام كامل على اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله، انكشف زيف هذه الشعارات أكثر من أي وقت مضى.
اليوم، لم يعد حلم الحزب الوصول إلى تل أبيب ولا حتى إلى الجليل، بل بات الحلم محصوراً في أمر مثير للشفقة: وضع صورة نصر الله على صخرة الروشة في بيروت، المدينة نفسها التي تعرّضت لسبعة أيّار، يراد لها أن تحمل في قلبها صورة جزّارها، وقلتل حلمها. الصخرة التي ترمز إلى المدينة وتاريخها وسياحتها وحياة شعبها، تحاول ماكينة الحزب تحويلها إلى لوحة حزبية وإلى نصب إجباري لرمز يعتبره كثير من اللبنانيين والعالم شخصية إرهابية مسؤولة عن تدمير بلدهم.
حزب الله الذي لم يستطع أن يغيّر شيئاً في معادلة الصراع مع إسرائيل، ولم ينجح في منعها من تدمير الجنوب والبقاع والنبطية وبيروت نفسها، يحاول اليوم أن يفرض انتصارات وهمية على اللبنانيين داخل وطنهم. بدل أن يحرر فلسطين كما وعد، ها هو يشنّ حربه على صورة لبنان، وعلى ثقافة بيروت، وعلى رموزها الوطنية والسياحية.
إنها مفارقة مُرّة: من “حلم قصف تل أبيب” بالصواريخ إلى “حلم صخرة الروشة” بصورة. من حزب يتغنى بأنه يملك مئة ألف مقاتل، إلى حزب عاجز لا يجد سوى محاولة تلويث ذاكرة العاصمة برمز زعيمه المغتال. هذا ليس إنجازاً ولا مقاومة، بل انحدار وسقوط يكشف إلى أي مدى أصبح الحزب ضعيفاً وعاجزاً، ويا للشفقة.