انتخابات نقابة المحامين أمس لم تكن معركة أحزاب بقدر ما كانت تمرّدًا مهنيًا على كل ما يُراد فرضه على النقابة. فالنتيجة التي حملت عماد مرتينوس إلى موقع النقيب لم تصنعها ماكينة سياسية، بل محامون قرّروا أنّ الوقت حان لاستعادة النقابة من قبضة الأحزاب.

مرتينوس لم يربح لأن حزبًا دعمه، بل لأن صورته المستقلة سبقت أي اصطفاف. لذلك جاءت محاولات بعض القوى وتحديدًا القوات اللبنانية للإيحاء بأن فوزه يُسجّل في خانتها، أشبه بمحاولة الاستيلاء على إنجاز لا تملكه.

والأرقام نفسها تقول كل شيء: حجم التصويت لمصلحة مرتينوس لم ينعكس على مرشح القوات في العضوية (مرتينوس:3010، ايلي حشاش: 1798)، ما يؤكّد أنّ المزاج كان نقابيًا لا حزبيًا. وفي المقابل، برز حضور وازن للكتائب داخل الانتخابات بحيث نال مرشحه النسبة الأعلى بين المرشحين الحزبيين (موريس الجميّل: 1966)، في وقت تلقّت القوى الكبرى الأخرى من الثنائي الشيعي إلى المستقبل والتيار الوطني الحر سلسلة هزائم واضحة.

لكن النقطة الأكثر حساسية كانت في الحملة التي شنّتها القوات على المرشح إيلي بازرلي المدعوم من الكتائب، متّهمة إيّاه بالتحالف مع حزب الله وأمل. هذه الحملة لم تكن دفاعًا عن “مبادئ”، بل محاولة لتشتيت الانتباه عن التنسيق الذي جمع القوات نفسها بالثنائي داخل النقابة، والذي ظهر بوضوح في توجّه أصوات الثنائي الشيعي نحو مرتينوس ضدّ المرشح المدعوم من الكتائب أيلي بازرلي.

خلاصة القول، النقابة قالت كلمتها: مرتينوس فاز، والكتائب خرجت ثابتة في حضورها، والقوات خاضت معركتها الحقيقية خارج الصناديق، في معركة روايات فشلت في إخفاء التحالفات التي حاولت تغطيتها.