تنعقد اليوم عند الساعة الثالثة من بعد الظهر جلسةٌ لمجلس الوزراء، ليست كأي جلسة، بل واحدة من أكثر الجلسات حساسيةً في تاريخ الجمهورية، جلسةٌ مفصلية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جلسةٌ قد تغيّر وجه لبنان، أو تعيد تثبيت أزماته، جلسةٌ تمثّل امتحاناً حقيقياً للسيادة، للاستقلال، لكرامة الدولة التي سقطت عنها هيبتها منذ أن بات السلاح مشرّعاً خارج مؤسساتها.

اليوم، يناقش الوزراء البند الأخطر، البند الأهم، البند الذي لم يعد يحتمل التأجيل ولا المواربة: بند حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. هذا البند لم يعد مجرد شعار، ولا مادة إنشائية في بيانات الحكومات المتعاقبة، بل بات جوهر المعركة الوطنية، أساس الولاء للدستور، ومفترق الطرق بين دولة حقيقية ودولة ملحقة.

السلاح الذي لطالما طُلب حصره بات اليوم مطلبًا داخليًا وخارجيًا. لم يعد النقاش عليه ترفاً ولا تأجيلاً حكيماً. صار واجباً أخلاقياً وسيادياً، صار ضرورةً أمنيةً وعسكريةً، صار مقياساً لاستعادة الثقة بالدولة، صار بندًا في امتحان العهد الجديد، وصار شرطاً لأي عودة إلى الاقتصاد والاستثمار والانفتاح والإعمار.

كل العواصم تقولها للبنان: انزعوا السلاح نمدّ لكم اليد. انزعوا السلاح يعود اقتصادكم. انزعوا السلاح نرسل مستثمرينا وسياحنا. انزعوا السلاح نعيد إعمار بيروت والجنوب. انزعوا السلاح لنعيد علاقاتنا الطبيعية. انزعوا السلاح لتفرضوا أمناً وهيبةً على كل شبر من أرضكم. هذه ليست وعودًا، بل معادلة واضحة: لا دولة مع سلاحين، ولا سيادة مع ميليشيا، ولا نهوض من الانهيار قبل معالجة العقدة الأساس.

اليوم، لا مكان للهروب، ولا مساحة للمناورة. إما أن تثبت الدولة أنها دولة، أو تكرّس سقوطها النهائي. إما أن يكون القرار اللبناني وطنياً مستقلاً حراً، أو يستمر مرتهناً ومعلقاً على فوهة بندقية.

الجلسة التي تُعقد اليوم ليست عادية، وليست إدارية، وليست سياسية بالمعنى التقليدي. إنها جلسة مصير، جلسة اختبار، جلسة قرار. وهي الأهم منذ نشوء لبنان الكبير.