منذ أن تبنّت الجماعة الإسلامية خطّ “حزب الله”، بدأت بيئتها الطبيعية تتراجع من حولها بهدوء. دخلت الجماعة حرب الإسناد بثقةٍ مبالغ بها، ظنّت أنها ستحصد نفوذاً وانتخابات وتحالفات، لكنها خرجت مثقلة بالأثمان.

 

الانتخابات البلدية كشفت ضعفها، ثم جاءت الضربة الأثقل مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوضع أفرع الإخوان المسلمين على لوائح الإرهاب، فبدأ الحلفاء يبتعدون. في بيروت، أعاد النائب نبيل بدر حساباته خشية على مصالحه الخارجية. وفي الشمال، جمّد الرئيس نجيب ميقاتي تحالفًا كان على وشك الولادة مع الجماعة، خوفًا من ارتدادات العقوبات على مسيرته وشركاته.

 

يوازي ذلك عجز خطاب الجماعة عن استقطاب الشارع، خصوصًا مع صعود الرئيس أحمد الشرع الذي يسحب من رصيدها الإقليمي والمحلي، إضافة إلى فتور علاقتها مع قطر وتركيا اللتين لم تعودا مستعدتين للدفاع عن فروع إخوانية تضعهما في مواجهة واشنطن.

 

هكذا تجد الجماعة نفسها أمام أزمة سياسية وشعبية متصاعدة، بعدما ربطت مصيرها بخطّ لا يشبه جمهورها، فتحوّل خيار التماهي مع الحزب من مكسبٍ مؤقت إلى عبءٍ يهدّد وجودها نفسه.