في مشهد يعكس الانفصال الكامل بين السلطة والناس، نفّذت المجموعات الاغترابيّة وناشطين وقفةً احتجاجية أمام مجلس النواب في بيروت، تزامنًا مع انعقاد جلسة نيابية، رفضًا لسياسة الإقصاء والتمييز التي ينتهجها رئيس المجلس نبيه برّي ومن خلفه الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، بحق المغترب اللبناني.
الرسالة كانت واضحة: “128 مش 6”. هكذا هتف المتظاهرون، مؤكدين حقّهم المشروع في انتخاب كامل أعضاء المجلس النيابي في انتخابات 2026، ورفضهم القاطع للقانون الحالي الذي يقزّم تمثيلهم بستة مقاعد رمزية لا تعكس حجم تأثيرهم ولا وزنهم الحقيقي في الحياة الوطنية.
وبالرغم من نجاح المجموعات الاغترابية في تأمين دعم أكثر من 70 نائبًا لمشروع تعديل القانون، يُصرّ نبيه برّي على منع إدراجه على جدول الأعمال، في خطوة يعتبرها كثيرون إمعانًا في التحكّم بمصير الديمقراطية اللبنانية، خدمةً لحسابات سياسية ضيقة تحمي نفوذ أحزاب فقدت جمهورها، لا سيما في الخارج.
ففي انتخابات 2022، تراجع كل من حزب الله، وحركة أمل، والتيار الوطني الحر بشكل واضح في صناديق الاقتراع الاغترابية مقارنة بنتائج 2018، وهو ما دفعهم اليوم إلى خنق صوت المغترب ومنعه من التعبير بحرية، خوفًا من تكرار الهزيمة المقبلة عام 2026.
الملف لم يُحرّك قيد أنملة رغم الاجتماعات المتكرّرة التي عقدها الناشطون مع وزير الداخلية ورئيس الحكومة. فالإرادة السياسية غائبة، لا بسبب تعقيدات قانونية أو تقنية، بل لأن مَن في السلطة لا يريد انتخابات نزيهة، بل انتخابات مفصّلة على مقاسهم.