بلغ عجز الميزان التجاري في لبنان نحو 16 مليار دولار، طبعاً من دون احتساب التهريب عبر الجمارك والمعابر غير الشرعية، ما يعني أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. فالجزء غير المسجّل من الاستيراد، سواء عبر التهريب أو عبر التلاعب بالفواتير والتصاريح الجمركية، لا يدخل في الحسابات الرسمية، فيما تُسجَّل قيم الاستيراد النظامي كاملة، ما يخلق فجوة أكبر بين ما يخرج من عملات أجنبية وما يدخل إلى البلد. هذا الخلل يعكس بنية اقتصادية قائمة على الاستيراد المفرط مقابل ضعف الإنتاج والتصدير، ويؤدي إلى استنزاف دائم للدولارات وزيادة الضغط على الاستقرار المالي. والحل لا يكون بالشعارات بل بقرارات فعلية تبدأ بتشجيع الصناعة المحلية وحمايتها، ودعم القطاعات الإنتاجية ولا سيما الزراعة والصناعة، وتشديد الرقابة الجمركية وضبط التهريب، وتحفيز الصادرات وفتح أسواق خارجية جديدة، إضافة إلى اعتماد سياسات تقلّص الاستيراد غير الضروري. من دون الانتقال إلى اقتصاد منتج، سيبقى العجز قائمًا وستبقى الأزمة مفتوحة.