تشهد الأوساط السياسية اللبنانية تحركات أميركية مكثفة تهدف إلى الضغط على القوى المؤثرة في المشهد السياسي، في ظل محاولات عرقلة المسار الإصلاحي الناشئ مع العهد الرئاسي الجديد. وقد عُقدت اجتماعات خاصة بين ناشطين لبنانيين أميركيين ومستشارين في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، جرى خلالها البحث في آليات مواجهة هذه العرقلة، وتنسيق جهود التأثير على القرار السياسي في لبنان.
وفي هذا السياق، خضعت الرسائل التي وجهها عضوا الكونغرس داريل عيسى ودارين لحود إلى كلٍّ من الرئيس الأميركي ونظيره اللبناني لمراجعة دقيقة، باعتبارها خطوة أولية ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تسريع الضغوط الدولية وتعزيز الانتقال السياسي في لبنان. وبحسب المعطيات، برز خلال الاجتماعات توجه جدي نحو إعادة تفعيل ورقة العقوبات الأميركية، التي تُعدّ أداة ضغط رئيسية ضد الشخصيات التي تعرقل العملية السياسية أو تسيء إدارة المؤسستين العسكرية والمدنية.
تؤكد مصادر مطلعة أن العقوبات الأميركية لم تغب عن المشهد، بل لا تزال مطروحة كخيار جدي قد يُلجأ إليه خلال الأشهر المقبلة، خاصة ضد شخصيات محسوبة على “حزب الله” وحلفائه. وقد عاد ناشطون لبنانيون أميركيون إلى المطالبة بهذه العقوبات، بعد أن كانوا قد اقترحوها سابقًا، مشددين على ضرورة أن تشمل شخصيات وازنة في المشهد السياسي اللبناني. ومع ذلك، تبقى آلية فرضها وآثارها المحتملة خاضعة لحسابات دقيقة داخل الإدارة الأميركية.
إلى جانب ملف العقوبات، تحضر مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية على طاولة المباحثات الأميركية، حيث تؤكد مصادر دبلوماسية أن واشنطن تدعم تشكيل حكومة لا يسيطر على قراراتها حزب الله، وقد انعكس هذا التوجه في تصريح وزير الخارجية الأميركي الذي اعتبر بمثابة رسالة واضحة للرئيس المكلف نواف سلام بضرورة تأليف حكومة مستقلة عن حزب الله، مما يعني أن الدعم الدولي للبنان مشروط بمسار الإصلاحات والاستقلالية السياسية عن الحزب.
يتجه المشهد السياسي اللبناني نحو مرحلة دقيقة، تتزايد فيها الضغوطات الدولية لتحقيق التغيير المنشود، ويبقى السؤال: هل ستدفع هذه الضغوط الطبقة السياسية اللبنانية إلى إعادة حساباتها، أم أن المواجهة ستأخذ أبعادًا أكثر تعقيدًا في المرحلة المقبلة؟