تلقّى النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار برقيّة رسمية من القضاء الفرنسي، تتضمّن استنابة قضائية تطلب من لبنان تعقّب وتوقيف ثلاثة من كبار ضباط النظام السوري المخلوع، هم اللواء جميل الحسن، اللواء علي مملوك، واللواء عبد السلام محمود، على خلفية ملاحقات قضائية تتصل بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي خطوة عملية، كلّف الحجار شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإجراء التحقيقات اللازمة، والتحرّي عن وجود هؤلاء على الأراضي اللبنانية، وتوقيفهم في حال ثبوت وجودهم، كما وجّه بمراقبة حركة الدخول والخروج عبر المعابر الشرعية للتأكد مما إذا كانوا دخلوا لبنان بطريقة نظامية.

الاستنابة الفرنسية ليست حدثًا عابرًا في سياق قضائي تقليدي، بل محطة جديدة في مسار طويل لمحاسبة أركان النظام السوري على الجرائم التي ارتُكبت بحق شعوبهم، وبينها الشعب اللبناني الذي لم ينسَ بعد سنوات الوصاية والقمع والاغتيالات.

اليوم، تلوح أمام الدولة اللبنانية فرصة ثمينة لتثبيت حقّ لبنان في العدالة، ولإظهار أن زمن الصمت عن جرائم النظام السوري قد ولّى. فالتجاوب مع العدالة الدولية في هذه القضية لا يُعدّ مجرّد التزام قانوني، بل فعل استعادة لكرامة وطنٍ عانى طويلاً من تغوّل آل الأسد على أرضه وسيادته ومؤسساته.

ولعلّ ما يجري اليوم هو أكثر من مجرّد ملف قضائي: إنه تذكير بأن ذاكرة اللبنانيين لم تُمحَ، وأن باب المحاسبة، وإن فُتح من باريس، يمكن أن يكون مدخلًا لإعادة حقّ ضائع منذ عقود.