بعد مرور بضعة اشهر على اندلاع الثورة اصبح بامكاننا قراءة ظروف اندلاعها بأعصاب باردة وهادئة، لاستخلاص العبر والاتعاظ للمستقبل.
بالمبدأ لا يقع اللوم على عاتق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شخصيا او المصرف بشكل عام، ولا حتى على الطبقة السياسية المذهبية الفاسدة التي لا تكترث سوى لاستمرار مصالحها، بل اللوم كل اللوم على الشعب الذي انتخب مرة تلو الأخرى المنظومة الحاكمة عينها والتي يمكن وصفها بأنها طبقة مجرمة لم تكترث يوما لابسط متطلبات حياة قواعدها الانتخابية، وابلغ وصف ما قاله الوزير السابق وئام وهاب يوما:”تريدون الاستمرار بحكم الشعب اشبعوه كي يستمر حكمكم”.
اللوم على السني الذى رغم احداث السنوات الماضية، لا يزال مقتنعاً ان الحريري قام بمناورة سياسية بإمتياز إنتصاراً لأهل السنة وحقوقهم من خلال عدم تسمية رئيس مكلف، ومقاطعته لواجباته الوظيفية التي تقتضي استمراره بمتابعة تسيير أعمال الحكومة، واعتبر التعطيل الذي قام به عمل بطولي يستحق تجديد البيعة.
الحق على الدرزي المتأهب بدمه وسلاحه خلف زعامته المتقلبة والتي تعتبر لاعب حقيقي في إيصالنا لهذه الازمة الاقتصادية والسياسية بحجة المحاور ومصلحة الطائفة اولاً.
العتب على الشيعي الذي لا يزال مقتنعاً ان المحافظة على النظام الحالي بمساوئه وفساده هو الحل الأمثل لتفويت الفرصة على المحور الاميريكي للقضاء عليه، وان الهالة المحيطة بقيادته تعطيه صك غفران ومسامحة في تفقيره واستغلاله، والاهم الا يمس سلاح الطائفة ومصالحها ونفوذها.
الحق على المسيحي المنقسم، رغم كل ما حصل ويحصل، بين الاستمرار بالفساد حتى استعادة الحقوق المسيحية؛ او الارتماء في الحضن الاميريكي لتحقيق الخلاص على حساب الوطن واستقلالية القرار.
الحق علـي الشعب الذي رغم كل التضحيات لا يزال متمسك بالتركيبة او المنظومة التي تتحكم بالدولة الفاسدة.
كلن يعني كلن شعار صحيح لكن هذا الشعار يشمل الشعب ايضا، الشعب هو المسؤول الأول عن ما يحصل في لبنان، وغياب رقابته في صناديق الاقتراع سمح للسلطة الفاسدة “تشبيك” مصالحها بحيث لا يتم الافصاح عن اي ملف فاسد لان الجميع متشارك مع الجميع، شبكة عنكبوتية تحتمي تحتها احزاب السلطة وتؤمن لنفسها الاستمرارية.
الشعب اللبناني منقسم على نفسه منهم من يظن ان مشكلته الوحيدة هي السلاح المقاوم الذى حماه.
الجزء الآخر غير مقتنع ان هذا السلاح “الطاهر” نفسه اصبح يستغل من قبل الفاسدين والمفسدين للحماية والاستمرار.
واخيرا كما قال تميم البرغوثي:
يا شعب انت اللي كارم كل من حكمك
الدوله دي عارفه تحكم بس من كرمك
كشرلها وهى تيجي تبوس قدمك
مفيش حاجة اسمها مليون راجل اتغصبوا.