لم يشهد لبنان في تاريخه وصول رئيس تيار او حزب إلى ارفع منصب في حين تتآكل شعبيته وتتراجع كما يحصل مع التيار الوطني الحر.
من الشمال إلى الجنوب التيار يتآكل داخليا وخارجيا، من داخل التيار نفسه يتنافس محازبوه على سرقة شعبية بعضهم البعض، في حين تفتك ثورة ١٧ تشرين في أنصار التيار الوطني الحر فتكا.

لم يعد ما تبقى من مناصرين للتيار يفاخرون او يظهرون تأييدهم للتيار، من تبقى منهم خجول متقوقع على نفسه لا يجرؤ حتى على الدفاع عن قرارات اي من مسؤوليه من رئاسة الجمهورية وصولا إلى النائب الذي يمثله. انفصلت قواعد التيار عنه لا بل انفصلت عن مجتمعها واضحت أجسام غريبة يتجنبها الجميع.
اما داخليا بعد انسحاب نعيم عون ومجموعة من القادة السابقون من التيار بدأت التصدعات الداخلية، بوجود مؤسس التيار في الرابية الذي حافظ على وحدة تياره وعتم على الانشقاقات إعلاميا، وبعد فوز الرئيس بإنتخابات الرئاسة كانت بصماته واضحة بدعم بعض المرشحين إلى مجلس النواب، لكن صورة الانشقاق تجلت في أبهى حللها في انتخابات جزين، وفي التنافس بين روجيه عازار وشامل روكز في كسروان وسيكون ابي رميا ووليد خوري في جبيل، اما ام المعارك فكانت في المتن حيث حاول الجميع أن يتصدر عدد الأصوات التفضيلية في القضاء.
بعد اندثار شعبية التيار وتحول من التيار الأكثر شعبية والمثل الأول للمسيحيين إلى التيار الأكثر كرها من الشعب والممثل الأول على اللبنانيين لم يتبق لنوابه الا بعض الفتات من الأصوات التفضيلية.
الرخاء الانتخابي والفائض في الأصوات التفضيلية حقبة انتهت إلى غير رجعة، ونواب التيار اليوم يتحولون من نواب حزبيين الى زعامات محلية اقطاعية بعيدة عن العمل الحزبي والنهج الإصلاحي والتغييري.
اضحى روجيه عازار كمنصور غانم البون وفريد هيكل الخازن، وإبراهيم كنعان كسركيس سركيس وآل مخيبر والمر، وزياد اسود كآل عازار…. انتهى التيار الوطني الحر، سيعتلي احد وجهاء ١٧ تشرين المنبر في اليوم المنظر معلنا معركة التغيير على أولئك الذين أعلنوها على غيرهم قبل فترة.

لم يكن متوقعا ابدا ان تنهار شعبية التيار بهذه السرعة، واكبر المتشائمين توقع انهيارها بعد موت مؤسسها لا ان تورث تلك الشعبية وميشال عون رئيسا للجمهورية.