أنتمي إلى بقعة أرضٍ خاليةٍ من الأوضاع الاقتصادية المريرة والأحوال الصحيّة المؤلمة والأجواء العامّة التي لا تخلو من القلق والخوف من اليوم قبل الغد.

الوضع الاقتصادي سيء إلى درجة الجوع والعوز. أقتصد وأفكر مرتين قبل أن امدّ يدي الى محفظتي التي باتت قاحلة، فارغة ً وحيدة ً، عندما اريد ان اشتري ما هو أكثر من ضروري. مفروض أن يكون هذا واقع كلّ لبنانيّ، وضعَتِ المصارف يدها على أمواله وحدت من إمكانية سحب ولو مبلغٍ بسيط من حسابه الخاص. دون التّطرّق إلى سعر صرف الدولار الذي يزيد وتيرة ودقات قلبي كلّما عرِفْت سعر صرفه.

امّا الوضع الصّحيّ فحدّث ولا حرج، فمن منّا لم يفقد عزيزاً، جاراً أو قريباً بسبب جائحة كورونا؟ التي شلت حركة المطارات والسياحة بشكلٍ عام، حتى أثر على القطاع التربوي. ناهيك عن القلق الذي يرافقني و يجتاح عقلي وقلبي دون إذنٍ أو إستئذان، لأنّ الحاضر مرٌّ والمستقبل أمَرّ…
من ناحية أخرى تراني وحيدة أعيش تلك الهموم، المخاوف والمشاكل؟ ! أماكن السّهر، المطاعم والساحات لا تخلو من روّادها، يرقصون على أنغام الموسيقى ويرفعون الكؤوس لشرب الانخاب، متجاهلين الأسعار المرتفعة التي عليهم دفعها، ومن أين لهم هذا؟
وباء كورونا يفعل فعله على كل الأصعدة، أبكى أمّهات، وسهّر شقيقات، أرعب أولاد ، يتّم أطفال ورمّل نساءٍ… ولكن الاعراس، السّهرات، المسابح، المناسبات الإجتماعيّة، التجمّعات والاكتظاظ الإجتماعيّ، لا يرعب الوباء او يبعده! يا لهذه المهزلة!

نعم، يا لبناني، يا شريكي في الأرض لكن ليس في الانسانيّة، نحن لا نتشابه، فوضعي الإقتصاديّ مُبكي، خوفي، هواجسي واحترامي لمن لم يُصاب بعد بالفيروس أرقى وأسمى من رفع كأسك والتمايل على الانغام الموسيقيّة…
لا تتجرأ على اعتبارها فشّة خلق، لأنها ليست سوى قلّة ضمير وعدم مسؤولية مصحوبة بكمٍّ من الغباء إلى حد الهبل.


جوزيان حداد