نادرا ما احتكر احد تمثيل المسيحيين بنسب مرتفعة كالتيار الوطني الحر، ونادرا ما رفع شعار استعادة حقوق المسيحيين من بعد اتفاق الطائف، ونادرا ما شعر المسيحيون ان لديهم ممثل حقيقي بتحالفات ثابتة الا مع ميشال عون، ولكن كل تلك المسائل لم يأت من خلفها الا اللعنات والخيبات لدرجة غاب التيار الوطني الحر شعبيا وانحسرت قواعده ولم يبق منه الا الفتات.

يحاول التيار تحميل الجميع مسؤولية ما وصل اليه الا جسد السياسي “طري العود”، “ما خلونا” وبري “بلطجي” ومن ثم لقاء ومسامحة ويطوى الملف، من الاصلاح والتغيير شعارا بشعارات رنانة كالدولة المدنية والقوية والعادلة عاد التيار الى مربعه الاول حاملا حقوق المسيحيين  والخطاب المذهبي الطائفي، شعارات وشعارات ولوهلة لو لم يكن شعار التيار في الاوساط المسيحية المقاومة “احلى صبايا شباب التيار” لظننا اننا في حضرة ميليشيا مسيحية تتكىء على حليفتها الشيعية جاهزة حاضرة لقلب الانظمة في البلدان العربية بعد ان باتت حقوق المسيحيين في “عب” التيار.

في الواقع، الحقيقة مغايرة كليا، التيار انتهى والصراع اليوم داخل التيار على من سيرث الحالة العونية، وهذه حالة عامة في كل الاقضية والمحافظات، بدأها النائب زياد اسود في جزين قبل الانتخابات النيابية الاخيرة ويستمر فيها النائبان الياس بو صعب وابراهيم كنعان فيما سمح للنائب ادغار معلوف المشاهدة فقط لانه لا يملك المواصفات الكافية للمشاركة.

بدأ الخلاف الاساسي في انتخابات عام 2018 فوقف بو صعب بوجه جشع كنعان للفوز بزعامة المتن محاولا نيل حصة الاسد في توزيع الاصوات التفضيلية، لكن علاقات بو صعب وضعته عند حده واستكان الجمر تحت الرماد.

 في الاجتماع الافتراضي للتكتل ابان جائحة كورونا حاول التيار استعادة بعض قواعده “المهزوزة” بعد انطلاق الثورة من تطوير وتحسين مستشفى ضهر الباشق لاستقبال المصابين بكورونا في محاولة لاستغلال الجائحة انتخابيا غير ان بو صعب وفي دهاء الثعالب الذي يمتاز به عمل بطريقة خفية على إفتتاح مستشفى اللبناني الكندي بحضور وزير الصحة حمد حسن آنذاك، مسددا ضربة مباشرة الى النائب كنعان بعدم دعوته الى حفل الافتتاح وحرمانه من تجهيز مستشفى ضهر الباشق.

كنعان الذي لا ينام على ضيم كما يصفه المقربون منه اطلق العنان لماكينته الاعلامية لضرب صورة بو صعب محاولا الايقاع به داخل اللجان النيابية فتجلى بوضوح الاختلاف في وجهات النظر بين الرجلين من على منبر مجلس النواب، لكن لا كنعان تمكن من تسجيل اي نقطة ولا بو صعب نجح بالايقاع بخصمه المستجد، كل ما في الامر تضررت صورة التيار نيابيا بسبب الاختلافات العلنية في وجهات النظر.

نقل كنعان المعركة الى داخل قضاء المتن، يريد تسجيل نقاط على بو صعب وقتل محاولة الانقلاب التي يشعر بها على زعامة تيار المتن في مهدها، لكن بو صعب السباق سدد ضربة اشبه بالقاضية لكنعان عندما تصدر مشهد الحريص على تنفيذ مشروع توسعة طريق بسكنتا بإحتفال تلفزيوني غاب عنه كنعان بسبب عدم دعوته ايضا،  فلجأ كنعان الى اللعبة التي يتقنها جيدا “الشعبوية” فطلب من البلدية إصدار بيان شكر حصري له كونه من سعى عام ٢٠٠٦ للمشروع.

وللمعلومات العامة فقط، ادعى بو صعب ان المشروع لن يشكل اي عبء على خزينة الدولة، وهذا صحيح لسبب وحيد لان المتعهد تكفل بتوسيع الطريق بشرط الاستفادة من الاتربة والصخور والردميات والتي تفوق قيمتها اضعاف تكلفة المشروع.

بالعودة الى حلبة المصارعة، الكباش استمر واتخذ طابعا جديدا تمثل في الحصول على مادة المازوت، وفي المعلومات الخاصة نجح كنعان في ابرام اتفاق مع شخصية ارثوذكسية متنية معنية بإستيراد المحروقات يؤمن بوجبها الاخير مادة المازوت لكنعان حصرا، على ان يعبد له الاخير فكرة الترشح على لائحة التيار في المتن، فبدأ الصهاريج بالوصول الى بعض البلدات بشرط صدور بيانات رسمية من البلديات او المخاتير تشكر كنعان على جهوده الجبارة.

استفاد بعض سكان المتن من صراع النائبين ان من خلال مازوت كنعان او من لقاحات بو صعب، واذا كانت لقاحات بو صعب مجانية، فإن صهاريج كنعان كبطاقات “التشريج” مدفةعة سلفا واحيانا كثيرة بالدولار “الفريش”

حاول النائب إدي معلوف الدخول على خط التهدئة، ليس حبا بالتيار فقط بل لاسباب شخصية ايضا، معلوف نائب عن المقعد الكاثوليكي في المتن وهو معني بالصراع ايضا ويريد اقله الاحتفاظ بحصة من الاصوات التفضيلية رغم انه على يقين بأن الاصوات التفضيلية المضمونة وفي افضل سيناريو لن توصله الى المجلس النيابي مجددا، لكنه اصطدم بعناد كنعان ودهاء بو صعب الذي حتى في محاولات التهدئة ووقف الاشتباك استمر بفرض الشروط ولو شكليا على كنعان.

  ما يجري في تيار المتن مرجح ان يمتد الى اقضية اخرى، واذا اعتبر بعض العقال ان الصراع يمكن ايقافه وتحديد بروتوكول للاشتباك داخل التيار نذكرهم بالمثل الشعبي “القلي بتولد النقار”.