بعد إستقالة حكومته بعد ثورة 17 تشرين وضع الحريري شروطاً جديدة لإعادة تكليفه عنوانها حكومة إختصاصيين  ميثاقية التكليف.

لم يحصل يومها الحريري لا على ضمانات ولا على ميثاقية في التكليف، فرفض التكليف وتم تزكية حسان دياب لرئاسة حكومة تكنوقراط في الشكل سياسية حزبية في المضمون.

بعد إنفجار بيروت وإستقالة حكومة دياب، وافق الحريري على التكليف مع العلم أن شروطه للتشكيل كانت نفسها، ولم يتم إعطائه أي ضمانات لتنفيذها من أي طرف .. كما أنّه كلّف بلا ميثاقيّة مسيحيّة وهو الشرط نفسه الذي سبق ان وضعه كمعيار لتشكيل اي حكومة. وهنا يطرح السؤال كيف قبل بتكليف كان قد رفضه ووضع له سقف عالي قبل مدّة ؟

الجواب إنها المبادرة الفرنسية بكل ما تحمل من خفايا وخبايا ولا شك ان موافقته على التكليف اتت بضغط فرنسي واضح. بعد إعتذاره، إضطّر الحريري وبضغط فرنسيّ أيضاُ أن يؤمن الغطاء الميثاقي السنّي لرئيس حكومة آخر .. فكان نجيب ميقاتي.

ميقاتي قدّم الكثير من التنازلات لرئيس الجمهوريّة، تنازلات بدأت بثلث مقنّع ولم تنته بإرسال وزير الداخلية (السني) في زيارة مباركة لجبران باسيل حتى يحصل على ختم الموافقة على التوزير.

تنازلات لم يكن بإستطاعة سعد الحريري تحمّل إرتداداتها شعبيّاً، فقام بها الرئيس الرديف نيابة عن الأصيل، حتى وصل الأمر بالبعض الى تعيير حكومة ميقاتي انها حكومة ٨ آذار أكثر مما كانت عليه حكومة حسان دياب، وبدوره ميقاتي لم يلتزم بالسقف اللذي وضعه رؤساء الحكومات السابقين، وطعن الحريري في الظهر بإعطائه رئيس الجمهورية ما لم يعطه الحريري.

لم يبارك أحداً الحكومة الجديدة مباركة جدّية … إلّا الفرنسيّين، وكما هو متوقّع اول زيارة للميقاتي كانت الى فرنسا امه الحنون.

اليوم، وبعد الأزمة الأخيرة مع الخليج وقبلها تعطيل الجلسات الحكوميّة من قبل المكوّن الشيعي .. لم يقدم ميقاتي على إستقالته وبالتالي إستقالة الحكومة. المفاجئة أن الحريري أيضاً لم يسحب غطائه الميثاقي عن حكومة الميقاتي رغم موقفه الواضح  من الأزمات المستجدّة، وذلك بضغط فرنسي واضح أيضاً اللذين نصحوا ميقاتي بعدم الاقدام على الإستقالة.

ألم يسأل جمهور الحريري نفسه يوماً، ما هو العامل الضاغط على الحريري الذي يجبره على إتخاذ الخيارات والرهانات الخاسرة، والتصريح بشيء والتصرف عكسه؟

يهاجم تسليم الدولة إلى حزب الله، لكنّه يغطّي بشكل أو بآخر هذا التسليم، يتهم سوريا يإغتيال والده ولا يتردد في لحظة تقارب اقليمية من زيارتها، يخوض انتخابات عام 2009 بوجه مشروع حزب الله ثم ينقلب على المقترعين وينتخب مرشح حزب الله الى الرئاسة وغيرها من المواقف التي لا تعد اخفاقات سياسية بل سقطات مدوية.

الجواب يتيم ولا مبرر آخر له إنه التقارب الفرنسي الإيراني، والسبب تقدم فرنسا تنازلات لإيران في لبنان نيابة من اجل اجندتها الخاصة وذلك من رصيد وحساب السنّة، تقدم فرنسا على مبادرات لا تكلل بالنجاحات ان لم توافق ايران عليها وتضغط على الزر الاخضر للمباشرة بالتنفيذ.

ولماذا يقدم الحريري او لماذا يلعب لعبة فرنسا التي تقضم من شعبيته المتهالكة اصلا؟ الجواب ايضا بسيط بعد أن خسر الحريري غطائه العربي، لم يعد امامه إلا فرنسا حليفة والده، ليلعب في فنائها الخلي موهما الرأي العام ان علاقاته الدولية مستمرة ومتشعبة وبإمكان اللبنانية الاتكاء عليه لفتح باب المجتمع الدولي الموصد بوجه لبنان قبل اندلاع ثورة 17 تشرين، لكن نتيجة تموضعه لم تأت الا بمزيد من الارتهان والتكبيل، اضحى الحريري الابن دمية في اللعبة الدولية بعد ان كان والده احد اركانها الشرق اوسطيين على ابسط تقدير.

الزعيم السنّي، أو من يملك ورقة الميثاقيّة السنيّة في هذا النظام المسخ والهشّ، مرتهن إرتهان كامل لفرنسا ومصالح فرنسا على حساب سيادة الوطن والتوازنات الداخلية.

طارق الشريف