دخل لبنان فصلاً جديداً، له نتائج متعددة ستفرض وقائع جديدة، ترتبط بسياق الأزمة في البلد، ونفوذ حزب الله، وترسيم الحدود، وغيرها من الملفات التي يحلو للبعض اطلاق تسمية “تنفيذ الاصلاحات”.

تحصل هذه التطورات عشية استحقاقين انتخابيين، النيابية والرئاسية. ومن المتوقع، نتيجة هذه الاستحقاقات، أن تشهد البلاد تصعيداً كبيراً مرتبطا بالتصعيد الذي تشهده المنطقة.

من هنا يطرح سؤال أساسي لا بد من البحث عن إجابة عليه: هل ما يجري يأتي في سياق خطة دولية ممنهجة وواضحة؟ أم أنه نتيجة ردّ فعل خليجية طبيعية غاضبة؟ كلام وزير الخارجية السعودي يشير إلى نهج سياسي واضح، ومقاربة جديدة في التعاطي مع الدولة اللبنانية. المقاربة ربما توضع في اطار القول الشعبي “اشتدي يا ازمة تنفرجي”، يكبرون حجم الانهيار الاجتماعي ومن ثم تأتي التسوية السياسية قبل التسوية الاجتماعية والمالية.  المشكلة او ردة الفعل الخليجية لا يمكن وضعها في اطار استقالة وزير أو إسقاط الحكومة يبدأ البجث بحل القضية متى تنطلق عمليات بتر الايادي الارهابية الايرانية في لبنان.

إجراءات جديدة

على طريقة التسويف اللبنانية، يحاول الجميع تمرير الأزمة، في محاولة للتغاضي عن مسارها التصاعدي، وسط معلومات تفيد بأن إجراءات خليجية جديدة ستتخذ بحق لبنان. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرتكز على دعم أوروبي-أميركي لبقاء حكومته، وهو يتمسك بهذه المعادلة للحفاظ على موقعه كرئيس للحكومة.

في المقابل لم يصدر موقف سعودي رسمي وواضح وعلني يشير إلى استقالة الحكومة، لا بل إن كل المعطيات تشير إلى أن الأزمة أصبحت أبعد من ذلك بكثير، ولم تعد تتوقف على وجود الحكومة أو رحيلها. في الحالتين لن يتبدل الموقف السعودي.

تحت سقف الموقف التصعيدي، تتجه الانظار الى إعادة إحياء الانقسام العمودي في لبنان، كما كان الحال عام 2011 على خلفية الإنقسام في المواقف حول الثورة السورية، وكان متعهد الترميم ميقاتي نفسه ومن الموقع المحبب اليه كرئيس حكومة ايضا. اليوم ينقسم اللبنانيون في مواقفهم حول العلاقة مع المملكة العربية السعودية. عام 2011 كان لميقاتي نظرية “لبنان يمكن أن يكون مستقراً عندما يكون الإقليم مشتعلاً، أما عندما يهدأ الإقليم فيمكن للبنان أن يتفجر سياسياً او أمنياً”، اليوم ثمة من يعتبر أن هذه المعادلة تبدلت، ولبنان يدفع ثمن ما يجري في الإقليم سياسياً واقتصادياً ومالياً. وهذه الأثمان ستتعاظم أكثر على وقع الأزمة الخليجية.

الانقسام اللبناني

لا يقتصر الانقسام اللبناني على طبيعة العلاقة مع السعودية، إنما تتزايد الانقسامات والاصطفافات حول أكثر من ملف، أبرزها تفجير المرفأ، اشتباكات الطيونة، وغيرها من الصراعات السياسية والاقتصادية والمالية. تُضمّ هذه الانقسامات إلى الموقف الخليجي الواضح جداً، الداعي الى عدم الوقوف في منطقة رمادية لمن يعتبر نفسه حليف.

أول انعكاسات المعادلة كانت على أداء الرئيس سعد الحريري السياسي، وسط معطيات وتحليلات كثيرة تتناول موقفه، وتشير إلى التضعضع في تموضعه السياسي ودوره في المرحلة المقبلة.

فيما لو استمرت الحكومة على حالها، في الاصطفاف الحالي وبحال عدم استقالة رئيس الحكومة، ستصبح عندها محسوبة بشكل كامل على محور إيران وحزب الله. وهي في الأساس كانت معطلة بسبب الانقسام حول قضية المرفأ.