منذ سيطر حزب الله على الدولة نهائيا فشل في بلورة رؤية اقتصادية فإتبع اسلوب غازي كنعان، الامن والسياسة لحزب الله والاقتصاد لحلفائه العونيين ومن خلفهم رياض سلامة في تنافس ما يعرف بالحريرية السياسية.
الفشل الاقتصادي يتحمل مسؤوليته حزب الله لانه استعمل الاقتصاد طعم للتحكم بمفاصل الدولة. ولكن الصراع الفعلي او الحقيقي في لبنان اليوم يدور حول هوية لبنان في الاقليم ودور لبنان في الصراع العربي الاسرائيلي.
حزب الله يريد لبنان دولة مواجهة وجزء لا يتجزأ من محور الممانعة، يريد لبنان منصة لكسر مسار التطبيع الذي انطلق مع الدول العربية. يريد لبنان منصة صواريخ ايرانية على حوض البحر الابيض المتوسط، يريد لبنان قندهار او هانوي، يريد لبنان مجتمع القتل والحرب والاغتيال، يريد لبنان بإقتصاد حربي يناضل شعبه لسد جوعه ببعض الفتات.
بينما في لبنان من يتمسك بدور وطنه الريادي واقتصاده الحر المزدهر وقبلة الاستثمارات العربية والعالمية، في لبنان من فعلا يقدر نظرة الدول العربية عشية حرب 1967 مع اسرائيل حيث اعتبرت لبنان دولة مساندة لا دولة مواجهة، لبنان الدولة التي تحترم جوارها ولا تتدخل في الصراعات بين الملوك والعواهل العربية، دولة تتمتع بعلاقات ممتازة مع الجمهورية الاسلامية في ايران ولها علاقاتها القوية والممتازة مع الولايات المتحدة الاميركية في الوقت عينه، دولة تحترم شرعة حقوق الانسان التي وضعها فؤاد مالك في الامم المتحدة، دولة تنخرط في كل صراعات المنطقة ونزاعاتها بدبلوماسيتها للمصالحة والإلفة والمحبة لا بميليشياتها للقتل والتدمير والاغتيال، دولة تتنافس الدول لاستيراد صناعاتها ولا تقفل الحدود بوجهها لان منتجاتها محشوة بالكابتاغون.
في لبنان اليوم صراع بين الحق والباطل، بين لبنان مزاريب الصناعة والسياحة لا مزاريب الهدر والفساد والسمسرات، في لبنان اليوم صراع بين افكار الله الخلاقة والجميلة وبين افعال الشيطان التي تعشعش في ثناياها الرذيلة والفحش والفجور، الصراع بين لبنان الدولة المدنية التي تحترم كل مكوناتها وبين حزب الغراب الاسود الذي يمتهن التقية ويختبىء خلف شعارات رنانة وجذابة للتعمية على مشروع ولاية الفقيه.
لم تصل شجرة الى خالقها مهما طال عمرها، وحتى برج بابل ضربه الله لانه تحدى ارادته، لبنان وطن العيش المشترك اذا ما احترمتم حقوق كل مكوناته، لبنان وطن الهويات الجماعية لكل مكون فيه، واذا تجرأ احد على فرض هويته الدينية والاجتماعية على كل المكونات وتجسيدها هوية وطنية جامعة نعود الى ما قاله يوما البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير “اذا خيرنا يوما بين الحرية والعيش المشترك نختار الحرية”، اياكم ومحاولة سلخ لبنان عن محيطه وتعليقه “بحبال الهوا” لن نسكت.