ترى مصادر سياسية مراقبة أن الحياة السياسية في لبنان، في ضوء الانتخابات النيابية المقبلة، ستكون محكومة بعامل جديد دخل على الخط في ضوء إدارة الانتخابات النقابية الأخيرة ومدلولاتها ونتائجها.

فقد نجح رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل في تظهير “القوة الثالثة” على الساحتين المسيحية واللبنانية، بعدما كانت لغة الثنائيّات هي السائدة منذ انتفاضة 14 آذار 2005.

وتوضح المصادر قراءتها بالقول: “بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان تحكم الثنائي 14 آذار و 8 آذار بالحياة السياسية في لبنان بين 2005 و2008”.

وتضيف: “وبعد 7 أيار 2008 واتفاق الدوحة تحكم الثنائي الشيعي بالكثير من مواقع السلطة، وصولا الى إمساكه بكل مفاصلها مع “الصفقة” التي أدت الى انتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات الأخير”.

وتشير المصادر الى أنّه “مع صفقة التنازل عن السيادة في مقابل المناصب تحت شعار “الأقوياء في طوائفهم” أو “الثنائي المسيحي” الذي يقيم التوازن مع “الثنائي الشيعي”، استهدفت الأحاديات والثنائيات داخل الطوائف كل الأصوات المعارضة بحملات التخوين والإلغاء التي تراوحت بين الهجومات السياسية والاعلامية وبين محاولات الترهيب السياسي وصولا الى تسخير الأجهزة الأمنية والقضائية لإسكات الناشطين السياسيين والحزبيين والإعلاميين”.

وتتابع المصادر عرض قراءتها للمستجدات بالإشارة الى أن “ثورة الشعب اللبناني ضد منظومة السلطة بكل مكوناتها في العام 2019 لم تنجح في تحقيق أهدافها في التغيير المطلوب لاعتبارات كثيرة، منها القدرات والامكانات التي استخدمتها السلطة، ومنها غياب “الناظم” السياسي الذي يدير التحركات وينسق في ما بين المكونات التنظيمية الشعبية الناشئة”.

وترى “أن الجميل تنبّه منذ اللحظة الأولى لأهمية بناء علاقة تنسيق وتناغم وتحالف بين حزب الكتائب من جهة ومكونات المجتمع المدني وبعض القوى السياسية التي لم تشارك في صفقة التسوية من جهة مقابلة. وعلى الرغم من العثرات الكثيرة وحالات الممانعة التي واجهت تطلعاته، فقد نجح رئيس الكتائب بعد مثابرة وصبر وإصرار على وضع الأسس المطلوبة لهذا التحالف الذي خاض مجموعة من الاستحقاقات النقابية فارضاً معادلة جديدة على الحياة السياسية والاستحقاقات الانتخابية التي ستتوج خلال الاشهر القليلة المقبلة بالانتخابات النيابية”.

وتضيف: “بعدما كانت مثل هذه الاستحقاقات تدور بين مكونات المنظومة أنفسهم على قاعدة تحديد أحجامهم في السلطة التي يتقاسمونها في بينهم متوزعين أدوار الموالاة والمعارضة، بات على هؤلاء مواجهة حالة سياسية وشعبية وانتخابية جديدة تتمثل في دخول “القوة الثالثة” على الخط ليس فقط على الساحة المسيحية وإنما على الساحة الوطنية من خلال تحالف الكتائب وبعض المستقلين وشرائح من المجتمع المدني مع ما يعنيه ذلك من كسر للاحتكار السياسي والتمثيلي وبالتالي إسقاطاً لكل الأسس التي بنت عليها المنظومة الحالية “امبراطورياتها” داخل السلطة وخارجها، وفتح الأبواب أمام عناصر ومكونات جديدة باتت قادرة على التأثير في الحياة السياسية والاستحقاقات الوطنية بمعزل عن لعبة العدد والاحجام المتعارف عليها منذ سنوات، وهو ما يفسر الحملات التي تستهدف الكتائب ورئيسها لا سيما من جانب حزب الله الذي بدأ يستشعر المخاطر التي تهدد التركيبة التي استثمر فيها طويلا للإمساط بمفاصل القرار والحياة السياسية في لبنان”.

نقلا عن موقع الـ MTV الالكتروني