نجح حزب الله في افراغ المؤسسات السياسية والامنية من مضمونها منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان، وعمد خلال الفترة نفسها الى ملء الفراغ وتحوّل بالتالي إلى القوة الرئيسية المؤثرة في لبنان.

لم يسيطر حزب الله على لبنان دفعة واحدة، بل بجهد وعقل تعطيلي ولم يتردد في استعمال العنف في بعض الاحيان، المسار كان كسباق قفز الحواجز، حاجز تلو الاخر وخطوة تليها قفزة الى ان احكم قبضته على كل الملفات المطروحة وحتى عطل المسار القضائي بفيتو واضح على مسار التحقيقات في انفجار المرفأ.

وبعد ان كان حجم الطائفة الشيعية كحجم اي طائفة في لبنان اضحت الناخب الاساسي ان لم يكن الناخب الوحيد الذي يحدد بوصلة هوية اي رئيس جمهورية، بعد نجاحها في تعطيل انتخابات رئيس الجمهورية حتى وصول مرشحها وحليفها.

 

نجح الحزب من خلال ثنائيته مع حركة امل في اغلاق الباب امام اي مرشح ولو حتى افتراضي الى رئاسة مجلس النواب، وتحكم بمن يصل الى رئاسة الجمهورية وعطل عمل مجلس الوزراء من خلال الميثاقية التي نجح في فرضها في اتفاق الدوحة، وفي الفترة السابقة حاول جاهدا اجهاض اي اسم او توجه لتأليف حكومة تكنوقراط.

منذ اتفاق الدوحة لم يعد بالإمكان تقرير أي أمر رئيسي بلا موافقة حزب الله. لكن الحزب الذي يرتكز على التفوق العسكري والسياسي بدأ يواجه في الآونة الأخيرة نتائج تفوقه، بمؤشرات تدل على تململ يتوسع ويتضخم وبات يهدد بيئة الحزب الخاصة.

كل المؤشرات وخاصة بعد اطلالات نصرالله الاخيرة تشير الى أن الحزب ماضٍ في المواجهة غير آبه للظواهر الآخذة بالنمو خصوصا  بعد فشله المدوي نتيجة خياراته ما انعكس تحديا للحزب خصوصا من قبل اخصامه الداخليين في ثلاثة محطات.

الأول في شهر آب بين أنصاره وعناصر مسلحة من العشائر العربية وهو تطور بارز الخطورة او ربما مغامرة ان يتحدى احد حزب الله في ملعب العسكر والقتل واطلاق النار.

الثانية في بلدة شويا الجنوبية حيث اعترضت مجموعة من الأهالي راجمة صواريخ للحزب أثناء مرورها في البلدة بعد إطلاقها صلية صواريخ باتجاه مواقع إسرائيلية في الأراضي اللبنانية.

والثالثة منتصف تشرين الأول في الطيونة-عين الرمانة، والتي سقط فيها قتلى وجرحى من المتظاهرين المسلحين من أنصار حركة أمل وحزب الله.

للحوادث الثلاثة مدلولات خطيرة تشير الى تطور المواجهة مع حزب الله والانزلاق الى المواجهة العسكرية معه انطلاقا من شعار “لا يقف بوجه السلاح الا السلاح”، فهل يتعظ حزب الله ويسلم سلاحه ام سيجر لبنان الى جولة قتال داخلي قد لا تحمد عقباها.