قد تكون البيئة المسيحية من أكثر البيئات تشعباً وحركة مقارنة بالبيئات الطائفية الأخرى. وحدها شغلت القوى السياسية على تنوعها، كما شغلت معظم وزراء الخارجية الأجانب والسفارات التي درست متغيرات هذه البيئة، وحجم التغيير وتأثيره على شكل المجلس النيابي الذي سينتج عن انتخابات أيار 2022.

ابرز المتغيرات دخول عنصر جديد ولو خجول على بعض مجموعات “المجتمع المدني” قد لا تبدو المعركة محتدمة انتخابيا بسبب عدم بروز شخصيات حقيقية تمثل “المجتمع المدني” لكن وبكل تأكيد في البيئة المسيحية مجموعات منتفضة ضد احزاب المنظومة وستقترع طبيعيا وعقابيا ضدها، وهي بشكل او بآخر عنصر المفاجأة الانتخابي الذي لا يمكن تحديد حجمه وقدره وقوة دفعه في اللوائح الانتخابية وتأمين الحواصل.

بالعودة الى الاحزاب التقليدية وبقراءة سريعة التيار الوطني الحر راكم الخصومات على الساحة اللبنانية، ولم يبقَ له سوى حزب الله حليفاً، فيما راكمت القوات اللبنانية بدورها اخصامها وخسرت حليفها الابرز حزب الكتائب اللبنانية وبعض الشخصيات المستقلة التي كانت مقربة من نهجها امثال النواب السابقين فارس سعيد وبطرس حرب وميشال معوض، فيما علاقتها مع اركان الثورة ليست على ما يرام في العمق، لكنها نجحت في خلق مجموعات قواتية في المناطق تحمل لواء الثورة والتغيير فيما هي في الواقع مجموعات قواتية لا قدرة لها ولا تأثير على الثوار الفعليين.

يتمركز الفريقان على طرفي نقيض في السياسة، وهو ما انعكس على شعبيتهما في الساحة المسيحية خصوصا بعد انهيار شعار “اوعا خيك”.

 

وسط التخبط الانتخابي يدور نقاش حول شكل النظام اللبناني مع تعاظم قوة حزب الله وتفاقم حساسية الشارع المسيحي من الحزب. كل ذلك دفع باتجاه عودة طرح نظام الفدرالية نظاماً بديلاً عن النظام الحالي. أحداث عدة عززت هذا الطرح أبرزها حادثة اعتداء مجموعات من حركة أمل على بلدة مغدوشة ومزاراتها الدينية، وحادثة الطيونة-عين الرمانة، بالاضافة الى توقيف راجمة صواريخ لحزب الله في بلدة شويا الدرزية.

لم تمر الاحداث مرور الكرام مسيحياً، وعاد الحديث عن الفيدرالية وحمايتها للمسيحيين شغلهم الشاغل في صالوناتهم وحواراتهم السياسية، النقاش في الوسط السياسي المسيحي، ترجمه رئيس الجمهورية ميشال عون في خطابه الأخير، عندما تحدث عن اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة. ولو فسر البعض كلامه على أنه ورقة لمساومة حزب الله على تعطيله الحكومة في نهاية العهد، إلا أنه النقاش الحقيقي الذي يشغل الصالونات، حتى بات الكلام يتمحور حول موعد إجراء طاولة حوار لبنانية برعاية أجنبية لمناقشة عقد اجتماعي جديد للبنانيين.