لا بد للنظر إلى الوقائع اللبنانية من ربطها بمفاوضات فيينا، وزيارة هوكشتاين لترسيم الحدود، والشروط الخليجية. وإذا فتحت ثغرة في مكان ما من الجدار، يمكن أن تنعكس على الواقع اللبناني. وعلى الصعيد النووي يسعى الطرفان للوصول إلى اتفاق. وإذا لم يُنجز الاتفاق ويوقع، هناك تفاهم على عدم إعلان الفشل.
احتمال تأجيل الانتخابات
ويستمر لبنان في إعداد الورقة المطلوبة للردّ على الشروط الخليجية. وإلى جانب الشروط القاسية والتي يعتبر بعض اللبنانيين أنها مستحيلة التنفيذ أو حتى النقاش، كالقرار 1559، تتضمن الورقة شروطاً أخرى تؤكد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. ويُنظر إلى الانتخابات بصفتها الاستحقاق الأبرز، فيما تؤكد مصادر متابعة أن الحديث عن احتمال تأجيلها بدأ في الكواليس، بذريعة غياب تيار المستقبل.

وتأجيل الانتخابات يجب أن تتوفر ظروفه الداخلية والخارجية: توافق داخلي، وضوء أخضر أو برتقالي للتمديد للمجلس النيابي. وهذا يفترض سلسلة شروط بين القوى المتصارعة. فالتمديد للمجلس يفترض أن يقابله التمديد لرئيس الجمهورية. وهذا يعني إطالة أمد الأزمة والانهيار، وانتظار مساومات دولية تضع المعضلة اللبنانية على طاولة البحث الإقليمي والدولي وصولاً إلى صيغة سياسية جديدة.

الورقة الخليجية
حتى الآن لم تظهر عناصر الحلّ. فمسار الشروط الخليجية، لم يتحدد بربطها بمسار سياسي دولي- إقليمي يجعلها مدخلاً للحلّ. لكن مسارات البحث عن حلول، يجب أن تمر في هذه الورقة وشروطها المطوق بها لبنان: إما تلقف الشروط للبدء في مسار الحلّ، وإما رفضها المفضي إلى التعقيد واستمرار والانهيار وتوسعه.

وهذا مفتوح على صدام، لا يمكن أن يتلاءم مع طبيعة سعد الحريري الذي فضّل الانكفاء في هذه المرحلة، كي لا يكون حاضراً أو شريكاً في هذه المعمعة.

ومن الواضح أن حزب الله يتعامل مع الورقة بنوع من البرود. وهو لطالما لعب على التناقضات والهوامش. فسابقاً، وعلى الرغم من التصعيد السعودي، كان يمكنه فتح خطوط متعددة. أما الآن فهناك حلقة مغلقة، لا منفذ فيها لأي جهة دولية.

حزب الله والإرهاب
فكلام رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين قبل فترة، حول أن الأميركيين يحاولون فتح خطوط التواصل مع الحزب، كانت مؤشراً على رغبة حزبه في ذلك. بعدما أصبحت المنطقة في مرحلة جديدة من المواجهات أو الحروب الصغيرة. والوصول إلى تسوية يعني أن منطق الحروب التي شهدناها سابقاً أصبحت في نهاياتها. وآليات الصراع تنتهي وتتغير بعدما استنزفت.

فآلية الصراع التي ارتكزت على الاستثمار في الإرهاب يفترض أنها تنتهي أو تشارف على النهاية. لذا لا بد لحزب الله من البحث عن أوراق جديدة، بعدما استثمر سابقاً في تلك الحرب وكان أداة أساسية في خوضها. لكن حالياً ثمة حاجة إلى تفكيك تلك الأداة، أو ضبطها في إطار إعادة رسم خريطة المصالح في المنطقة.

منير الربيع لموقع المدن الالكتروني